حاجب الدهشة علم الدين عمر الإعيسر (يمين) قائمة الرضا الشعبي ولا داعي لإهدار الوقت في التجريب الفاشل!!!

حاجب الدهشة
علم الدين عمر

الإعيسر (يمين) قائمة الرضا الشعبي ولا داعي لإهدار الوقت في التجريب الفاشل!!!

لم يكن صعود خالد الإعيسر ضمن السرديات المعتادة لمسؤولي الدولة في السودان.. فقد دخل ميدان الحرب الإعلامية خلال معركة الكرامة كالصاروخ – أو كما لقبته جماهير الشعب السوداني “السوخوي” – لجرأته العالية..وصوته الواضح..ووعيه العميق بطبيعة المواجهة.. واللافت أن الإعيسر لم يتوقف عند حدود الصراع والفعل المباشر إذ سرعان ما تحول لرجل دولة يتحرك في مساحات واسعة و يتعامل مع الوزارة كوسيلة لبناء الثقة وأستعادة المعنى..فقد تخبط إعلام الدولة كثيراً..
الآن رشحت أنباء عن مغادرته لموقعه وترشيح آخرين .. وتصاعدت المخاوف من خسارة حقيقية لحكومة الدكتور كامل إدريس إن هي فرطت في واحد من أنجح وزرائها وأكثرهم فعالية خلال فترة تكليفه القصيرة الخطيرة..
الرجل لم يطلب شيئاً.. ولم يرفع سقف الشعارات.. لكنه أجتهد – وبصمت – فأخترق أحد أعقد الملفات.. ملف الإعلام..الذي لا يقبل المجاملة.. ولا يتسامح مع الضعف.. ومع ذلك نجح الإعيسر في تحقيق رضا شعبي لافت.. بل وتمكن من إعادة صِلة الإعلام بالناس.. بوجدانهم وأحلامهم وأسئلتهم الحارقة..
صحيح أن بعض الأصوات تطالب الإعيسر بما هو أكبر من مطلوبات المعركة وميدانها..إلا أن هذه الأصوات – وإن كانت تحمل بعض المنطق – لا تدرك أن أستنزاف الكفاءات لا يصنع البدائل..ولا يبني إستقرار.. فالإعلام في السودان ليس مجرد وظيفة حكومية.. بل ساحة إشتباك مجتمعي وسياسي ونفسي ومهني وإذا غاب من يعرف تضاريس هذه الساحة.. ومن يملك قبولها..ويستطيع سبر أغوارها سيهدر وقت ثمين في تجريب المجرب..
وإذا كانت بعض الأطروحات تشير إلى إمكانية تحويل الإعيسر لمهام أخرى.. مثل مستشار لرئيس الوزراء أو حتى نائبه.. فإن مثل هذا الطرح –لا يخدم الواقع.. فالرجل أثبت نجاحه في ما هو مطلوب وملموس..كوزير للإعلام.. وضمن ما هو متاح من أدوات وإمكانات..ولاحاجة لنقله إلى موقع آخر – ولو كان أعلى رتبة – طالما كان نجاحه واضحاً ومؤثراً في موقعه الحالي..لا مبرر لإهدار الوقت والجهد في مغادرة رجل ناجح إلى موقع رمزي أو بروتوكولي..بينما نحن في سباق مع الزمن..والتحديات تحيط بنا من كل جانب..
الآخر الذي يجري التبشير به –إن صحت التسريبات – سيغرق في شبر تفاصيل.. وسيحتاج لزمن طويل (غير متاح) ليقترب فقط من مساحة الإعيسر خلال فترته القصيرة..
لم نلتق الإعيسر عقب تكليفه ولم يجمعنا به مجلس ولا مناسبة..فقد بدا أن الرجل مشغول جداً وسقف التوقعات -كما هو الحال في الوسط الإعلامي مرتفع جداً والزملاء تحركهم الأماني ويسوقهم العشم ..وينشدون الكمال..لكنه – ببساطة – أقترب من نبض المجتمع ومطلوبات المرحلة إلى درجة لا يخطئها المتابع ولا المتحسس لمزاج الشارع السوداني..
ليس من الحكمة التفريط في الإعيسر.. ليس لأنه الأفضل فقط.. بل لأنه المناسب للزمن والمهمة.. ولأن أستمراره يختصر المسافات التي لا وقت لإعادتها..فليس في جسد الوطن ما يكفي لبدايات جديدة في ملف الإعلام..تقاطعاته ..ومطلوباته..وشخوصه.