قرار بإجماع مؤسسة الرئاسة في حزب الأمة القومي.. عزل برمة.. أن تأتي متأخرًا..!! تقرير:محمد جمال قندول

قرار بإجماع مؤسسة الرئاسة في حزب الأمة القومي..

عزل برمة.. أن تأتي متأخرًا..!!

تقرير:محمد جمال قندول

مؤسسة الرئاسة كلفت د. محمد عبد الله الدومة لتولي المنصب مؤقتًا..

الإطاحة ببرمة ناصر لمشاركته في تحالف “تأسيس”..

“الاجراء” للحفاظ على وحدة الحزب ومواقفه تجاه الأزمة الوطنية ..

الغاء تكليف برمة يكشف عن انقسامٍ حقيقي فى رئاسة الحزب ..

تقرير_ محمد جمال قندول

عزلت مؤسسة الرئاسة في حزب الأمة القومي الفريق فضل الله برمة ناصر من منصب الرئيس المكلف للحزب، وقامت بتكليف د. محمد عبد الله الدومة لتولي المنصب مؤقتًا.

ووصفت مؤسسة الرئاسة مشاركة رئيس الحزب المكلف برمة ناصر في تحالف “تأسيس” الذي يعتزم تكوين حكومة للتمرد أو ما يعرف بحكومة السلام المزمع إعلانها خلال الفترة القليلة القادمة، بالانحراف عن خط الحزب المعلن.

فتيل الخلافات

وأوضحت مؤسسة الرئاسة أن قرار عزل برمة يأتي في إطار الحفاظ على وحدة الحزب ومواقفه الثابتة تجاه الأزمة الوطنية الراهنة، وأن حزب الأمة القومي لن يكون جزءًا من أي مشروع يعمق الانقسام ويقود البلاد نحو مزيد من الفوضى.

وأكد مساعد رئيس الحزب إسماعيل كتر أن قرار مؤسسة الرئاسة بعزل برمة بمشاركة معظم أعضاء مؤسسة الرئاسة قد شمل كل الولايات ما عدا من يتواجدون تحت سيطرة الميليشيا.

وأبان كتر أن قرار عزل برمة جاء بسبب انتمائه لفصيلٍ مسلح، وأن القرار ليس جديدًا بل اتخذ في وقتٍ سابق، لافتًا أن إعلانه اليوم تم باكتمال مؤسسة الرئاسة واتخاذ قرارها.

وشكّل حزب الأمة القومي صدمةً كبيرةً في الأوساط السياسية والشعبية إثر دعمه السياسي لميليشيات آل دقلو الإرهابية، وهو ما سبب أزمةً حقيقيةً داخل كيان الأنصار السياسي، إذ زادت حدة الخلافات جراء خط الحزب وتماهيه مع التمرد، وهو ما أشعل فتيل الخلافات داخل حزب الإمام المهدي.

ومن واقع الأحداث داخل الحزب فإن الأمة القومي أمام مفترق طرق حقيقي، فإما أن يحسم خياراته بوضوح ويعيد تأكيد موقعه كحزب قوي وطني مدني يرفض المساومة مع العنف السياسي، أو أن يتآكل من داخله نتيجة التساهل مع الخروج عن الخط الوطني، ليفقد ما تبقى له من دورٍ وفاعلية في المشهد السوداني المتحرك.

المعادلة الوطنية

ويقول الخبير والمحلل السياسي د. عمار العركي إن ما حدث داخل حزب الأمة القومي لا يمكن عزله عن السياق الوطني الأشمل، حيث أصبحت مواقف القوى السياسية اختباراً حقيقياً لمدى التزامها بالمسار المدني، وتمسكها بالمؤسسية في لحظة مفصلية من تاريخ السودان.

وبحسب العركي، فإن سحب التكليف من برمة ناصر يكشف عن انقسامٍ حقيقي في رئاسة الحزب ، ليس فقط تنظيميًا، بل فكريًا وسياسيًا بين من يتمسكون بخط الحزب التاريخي كقوة مدنية ديمقراطية، وبين من انجرفوا نحو تحالفاتٍ مشبوهة تتقاطع مع قوى مسلحة ترفع السلاح في وجه الدولة ومؤسساتها.

وتابع د. عمار العركي أن قرار مؤسسة الرئاسة بسحب التكليف لم يكن مجرد تصحيح مسار داخلي، بل جاء كرد حازم على ما اعتُبر محاولة لاختطاف القرار السياسي من داخل مؤسسات الحزب، عبر الانخراط الفردي في تحالف “تأسيس” الذي تتصدره حركات مسلحة متمردة. هذا التجاوز يُعد خرقًا جوهريًا لشرط التكليف ذاته، ويضع الحزب أمام تحدٍّ حقيقي في صيانة وحدته التنظيمية، دون التساهل مع الانحرافات التي تهدد بتشظي الحزب وفقدان بوصلته الوطنية.

ويشير محدّثي إلى أن الأخطر ما جرى يعكس بوضوح حجم التصدع بين تيارين داخل الحزب: أحدهما يتمسك بالمرجعية المدنية والموقف الوطني الواضح من التمرد، والآخر يبدو منفتحاً على خيارات تقاطع خط الحزب مع خط السلاح، بدعوى التأثير أو الواقعية السياسية.

وهذا التباين وفق العركي إن تُرك دون معالجة، قد يفتح الباب أمام انقسامٍ عمودي يضع الحزب على مسار انشطاري يُضعف موقعه في المعادلة الوطنية.

وزاد بالقول: لا شك أن انخراط قيادات تاريخية في تحالفات غير منضبطة سياسيًا، وذات صلات خارجية، لا يشكل فقط خرقاً للمؤسسية، بل أيضاً تجاوزاً للأمانة السياسية التي تقتضي الوضوح في الموقف من الحرب، والتمرد، والتدخلات الخارجية.

وهذا يفتح الباب للسؤال الجوهري: هل ما زال الحزب متمسكًا بدوره القومي الوطني المدني ، أم أنه بصدد التحول إلى أحد أدوات التوازنات الإقليمية الجديدة؟.