كيف تمكن الجيش من قلب موازين “معركة الكرامة” خلال أيام؟ عملية “التطويق العسكري” .. قاصمة الظهر

كيف تمكن الجيش من قلب موازين “معركة الكرامة” خلال أيام؟

عملية “التطويق العسكري” .. قاصمة الظهر

خطة استراتيجية استخدمتها القوات المسلحة ادت لهزيمة الجنجويد..

القيادة العسكرية طوقت المليشيا بإحترافية فذة وقلبت الموازين..

تنفيذ تكتيكات دقيقة ومنها ما يعرف في العلوم العسكرية ب “التطويق”.

القولا المسلحة تدير الحرب وفق فكر و “علم عسكري” فائق
(military science)
الكرامة : هبة محمود
منذ الإعلان عن تحرير مدينة ود مدني في الحادي عشر من يناير الجاري، والمعركة على أرض الواقع تشهد تحولات كبيرة لصالح الجيش السوداني.
خطة استراتيجية استخدمتها القوات المسلحة، بدأت منذ لحظة خروج القائد العام من القيادة العامة، انتهت بقلب الموازين من خلال تكتيكات التطويق العسكري والمكسب الميداني وفق مراقبين.
وفيما كانت التوقعات تمضي في استمرار الحرب لما يقارب العشرة اعوام على أقل تقدير بحسب كثيرين، مقرونا ذلك بمخاوف من إنتاج السيناريو الليبي اليمني والسوري، كانت القيادة العسكرية تطوق المليشيا بإحترافية فذة.
تكتيك حربي إسترد من خلاله الجيش مواقع مهمة في العاصمة الخرطوم، قبل إعلانها محررة من المليشيا، فكيف تم شل  المليشيا وزلزلة صفوفها؟

التطويق.. التكتيك الحربي

بين صدمة الفرح والخذلان تأرجح الكثيرين جراء التطورات الميدانية الأخيرة، فكان السؤال الابرز والأهم (ما الذي حدث؟ ) وهو سؤال بحسب خبراء عسكريين ليس تقليلا من قدر القوات المسلحة، ولا إيمانا بقوة المليشيا، وإنما إعجابا وفخرا باحترافية  الجيش السوداني الذي ظل كل  الداعمون للمليشيا داخليا أو خارجيا يجزمون بعجزه على الحسم العسكري، وأن النهاية لابد أن تكون على طاولة التفاوض.
غير انه وبخبراتها المتراكمة وضعت القوات المسلحة خطة عملياتية عامة ليست من أجل الإنتصار في معارك معينة أو إستعادة بعض المواقع، ولكن من أجل كسب الحرب في العاصمة والجزيرة وولايات أخرى وفق الخبير العسكري عميد معاش إبراهيم عقيل مادبو، ل “الكرامة” قامت بتنفيذ تكتيكات حربية غاية في الدقة ومنها ما يعرف في العلوم العسكرية ب “التطويق”.

كيف فك الجيش العزلة؟

وفيما نجد أنه ومنذ بداية الحرب إستخدمت المليشيا عمليات التطويق العسكري والعزل بأن قامت بعزل معسكرات الجيش عن بعضها البعض، إلا ان السؤال هو كيف تمكن الجيش من فك العزلة عن مواقعه العسكرية؟! .
ووفق الخبير الأمني معتصم عبد القادر فإنه ومنذ خروج القائد العام للقوات المسلحة الفريق اول البرهان من القيادة العامة فى اغسطس 2023 الى بورتسودان عملت القيادة على وضع وتنفيذ خطة استراتيجية لاستعادة البلاد من التمرد وتمثلت فى الاعداد والتجهيزات العسكرية للقوة البشرية والامداد والتسليح والاليات والمعدات والطيران مما اتاح للقوات المسلحة العودة القوية للميدان.
وبدا تطويق التمرد بحسب معتصم ل “الكرامة” من دائرة اوسع شملت ولايات نهر النيل والشمالية والقضارف والنيل الازرق والنيل الابيض مما قاد لسحق التمرد فى ولايتى سنار والجزيرة كما كانت هنالك دائرة اضيق شملت محاصرة التمرد فى ولاية الخرطوم من ناحية الجنوب من ولاية نهر النيل ومن ناحية الغرب من محلية كررى ومن ناحية الشرق من سهول شمال البطانة.

التعامل الممرحل
ومع التحول الميداني الكبير بدأت مجموعات موالية للمليشيا في الحديث عن اتفاق معين بين الجيش والدعم السريع، إلا ان معتصم عبد القادر ل” الكرامة “يؤكد على ان الضغط المنتظم والمتوالى على المليشيا أدى الى انهيارها فى الدائرة الضيقة بعبور الكبارى من امدرمان الى بحرى والخرطوم مما قاد للانهيار التدريجى واستعادة الولاية كذلك ادى سقوط جبل موية الى إنهيار ها فى ولايات الوسط وتنظيف ولايات النيل الازرق وسنار والجزيرة.
وتابع: تبقت جيوب للتمرد فى شمال ولايتى النيل الابيض والجزيرة ومحلية الخرطوم وجبل اولياء يتم التعامل الممرحل معها.
وزاد: إنتصارات القوات المسلحة فى أم روابة سيؤدى الى محاصرة المليشيا فى ولايات دارفور من جهة الشرق من ولاية كردفان ومن جهة الشمال من الولاية الشمالية، كما ان الصمود الاسطورى فى مدينة الفاشر استنزف المليشيا وجعلها فى وضع متهالك يسهل القضاء عليه.

نظرية الجزر المعزولة

كل العمليات والوقائع الميدانية تشير الى زوال التمرد فى وقت اوجز كثيرا مما اعتقده البعض بحسب خبراء عسكريين.
ويرى الخبير العسكري العميد معاش ابرهيم عقيل مادبو ل “الكرامة” ان عملية التطويق العسكري التي استخدمها الجيش هي من منظور جديد بحسب الفكر العسكري السوداني، فمثلاً في ولاية سنار عندما حاولت المليشات أن تتقدم وتفرض حالة “حصار عسكري” علىت مدينه سنار بقصد قطع الامداد عنها وتجويع السكان قامت القوات المسلحة السودانية بقطع عرضي في قلب مناطق العدو ذلك بالسيطرة على منطقة جبل موية وإتاحة الفرصة لتقدم المتحركات المتوجهة نحو مدني عبر محاور محددة مما ادي إلى سهولة فصل قوات التمرد الموجودة في مدن (الدندر. السوكي. سنجة) عن قواتهم الموجودة في الجزيرة والخرطوم، وهذا يعني خنق الشريان اللوجستي وقطع الإمداد البشري والمادي [وقود_ذخائر_وسائل حركة الخ] وبذلك صارت قوات التمرد في ولاية سنار محبوسة في ما يعرف ب”الجزر المعزولة”.

3أرض القتل

أما في ولاية الجزيرة فيرى مادبو ان ان الجيش قام بتنفيذ عمليات التطويق والعزل بتكتيك عسكري لا تنفذه إلا الجيوش المحترفة وفقاََ لحسابات عسكرية وعلمية دقيقة يتم فيها حساب الوقت والارض والعتاد للعدو وبذلك تمكن الجيش السوداني من سحب المليشيا من منطقة إلى منطقة أخرى تعبوية تًعرف ب”أرض القتل” تم تحضيرها لتكون مهيأة لتدمير العدو  بحيث يتعرض لصدمات تصل به إلى مرحلة “التفكيك” أو السيولة والتليين حتى تبدأ مرحلة “الهجوم المضاد” عليه، وقد حدث ذلك في مناطق كثيرة ووقعت المليشيا في الفخ وهي لا تدري أن الجيش بهذه العمليات يمهد للإكتساح الكبير بمشاركة المحاور الأخرى لتنسيق الهجوم المتزامن نحو ود مدني.
وأضاف: الجيش قد وظف خبرته الطويلة في الحروب في الإستفادة من عامل المرونة وأهميته في تغيير الخطط لمواجهة التطورات المفاجئة ولتقليل تأثير الأخطاء، على المستوى الاستراتيجي العسكري.

علم عسكري فائق

وتابع بالقول: الآن إنهارت المليشيا وتسعى للفرار والهروب لتخفيف وطأة الهزيمة والخسائر عليها، والصدمة الناتجة عن الضربات التي كبدتهم خسائر متواصلة حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
وأكمل: هذا الوضع المعقد المعزز بالهستيريا والارتباك الذي باتت تعاني منه المليشيا، يسلط الضوء على القدرة الميدانية والتخطيط الاستراتيجي للجيش، ويفسر دخول المليشيا إلى مرحلة ما يفعله إعلام العدو الآن في المحاولات اليائسة لبث الإحباط ليس إلا، وميلهم للتدوين العشوائي وكثافة استخدامهم للمسيرات على مناطق تواجد المدنيين، وذلك لن يجدي نفعاََ مع إحترافية الجيش السوداني، فقواتنا المسلحة تدير الحرب وفق فكر و “علم عسكري” فائق
(military science)