لجنة أممية تتقصى وصولها للمليشيا بوساطة إماراتية.. الأسلحة البلغارية في دارفور.. تحقيق دولي

لجنة أممية تتقصى وصولها للمليشيا بوساطة إماراتية..

الأسلحة البلغارية في دارفور.. تحقيق دولي

فتح تحقيق في شحنة أسلحة بلغارية وصلت إلى المليشيا عبر الإمارات

الذخائر البلغارية من نوع قذائف هاون عيار 81 ملم..

فيديوهات مصادرة القذائف تكشف وجود أجانب في قافلة الجنجويد

بلغاريا تؤكد: الذخائر شُحنت للإمارات وليس للسودان

دوناريت” تنشر وثائق لإثبات قانونية الصفقة مع ابوظبي..

الإمارات ترفض تسليم بيانات 15 رحلة جوية مشبوهة إلى تشاد

تقرير:رحمة عبدالمنعم
في تطور خطير يسلّط الضوء على مسارات التهريب المعقدة التي تسلكها الأسلحة نحو ساحات الحرب في السودان، كشفت وكالة “رويترز” عن فتح لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة تحقيقًا رسميًا في وصول شحنة ذخائر بلغارية إلى مليشيا الدعم السريع عبر وساطة إماراتية. التحقيق الجديد يعيد إلى الواجهة الدور الإماراتي في دعم مليشيا الجنحويد، ويطرح تساؤلات حادة حول دور بعض الدول في الالتفاف على قرارات الحظر الدولي المفروض على تصدير السلاح إلى إقليم دارفور منذ عام 2005.

تحقيق أممي
وفتحت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة تحقيقًا واسع النطاق في ملابسات وصول أسلحة أوروبية إلى مليشيا الدعم السريع السودانية، في انتهاك صارخ للعقوبات الدولية المفروضة على إقليم دارفور،وكشفت وكالة رويترز أن التحقيق يركز على شحنة ذخائر بلغارية استوردتها دولة الإمارات العربية المتحدة، وظهرت لاحقاً ضمن قافلة إمدادات تابعة لقوات الدعم السريع، تم ضبطها من قبل القوات الحكومية شمال دارفور في نوفمبر 2024.
التحقيق الأممي، الذي يجريه فريق مراقبة العقوبات في السودان، يسعى لتتبع المسار الذي سلكته هذه الأسلحة من بلغاريا، عبر الإمارات، ثم إلى الأراضي السودانية، مرورًا بشرق ليبيا، حيث يسيطر الجيش التابع للمشير خليفة حفتر، الحليف الوثيق لأبوظبي.
ووفقًا لوثائق اطلعت عليها رويترز، صادرت القوات المتحالفة مع الجيش السوداني صناديق ذخيرة من عيار 81 ملم في الصحراء، وصرّح مقاتلون في مقاطع فيديو مصورة أن هذه الذخائر كانت في طريقها إلى مليشيا الدعم السريع. وكشفت التحقيقات الصحفية أن هذه الأسلحة تعود في الأصل إلى شركة “دوناريت” البلغارية، وقد تم تصديرها إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 2019، بموجب ترخيص قانوني، باعتبارها “المستخدم النهائي”.

شركة “دوناريت”
لكن التطورات على الأرض أوضحت أن الذخائر انتهت في أيدي قوات الدعم السريع، ما يثير أسئلة خطيرة حول احتمال إعادة تصدير الأسلحة دون إذن الدولة المصدّرة. فقد صرحت وزارة الخارجية البلغارية بأن أي عملية إعادة تصدير تتطلب موافقة مسبقة من سلطاتها، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة. كما نفت وزارة الاقتصاد البلغارية خرق أي حظر أوروبي، موضحة أن التصدير تم إلى “جهة حكومية لا تخضع لعقوبات الأمم المتحدة”.
وأفادت وكالة( فرانس برس24) أن شركة “دوناريت” نشرت شهادة موقعة ومؤرخة في أغسطس 2020، تُثبت تسليم 15 ألف قذيفة هاون للجيش الإماراتي، مؤكدة شرعية موقفها القانوني. ومع ذلك، لم تقدّم الإمارات أي توضيحات بشأن كيفية وصول هذه الذخائر إلى السودان، بل رفضت التعاون مع لجنة التحقيق الأممية، وامتنعت عن تقديم قوائم الشحن الخاصة بخمس عشرة رحلة جوية مشبوهة، انطلقت من مطاراتها باتجاه مدينتي أمجرس وإنجامينا في تشاد، القريبتين من الحدود السودانية.
ويُذكر أن الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي يفرضان منذ سنوات حظرًا صارمًا على تصدير الأسلحة إلى إقليم دارفور، بسبب سجل النزاع المسلح والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين، ما يجعل توريد هذه الذخائر إلى قوات الدعم السريع انتهاكًا مباشرًا لهذا الحظر.

دور الإمارات
الحكومة السودانية بدورها رفعت دعوى قضائية ضد دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، متهمةً إياها بتزويد قوات الدعم السريع بالسلاح والدعم اللوجستي، في ما وصفته بـ”دور مباشر في الإبادة الجماعية غرب السودان”، وتؤكد الخرطوم أن الإمارات لم تكتفِ بمد المليشيا بالذخائر فحسب، بل قامت باستخدام مطاراتها كمنصات انطلاق لإمدادات عسكرية متكررة عبر الحدود التشادية.
ويعيد هذا الملف إلى الواجهة دور الإمارات في الحرب السودانية، حيث تتعرض لاتهامات متكررة من قبل خبراء الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية بدعم مليشيا الدعم السريع بالمال والسلاح، تحت غطاء مشاريع استراتيجية في المنطقة، وكانت أبوظبي قد واجهت اتهامات مماثلة بدعم مليشيا الجنجويد في حرب دارفور السابقة، وهي الجماعة التي تطورت لاحقًا لتشكّل النواة الأساسية لقوات الدعم السريع.
ووفق تحقيق أجرته شبكة “فرانس 24″، فإن قافلة الذخائر التي صادرتها القوات الحكومية شمال دارفور قد مرت عبر شرق ليبيا، وهي منطقة تخضع لسيطرة قوات حفتر، في مسار معقد يعكس درجة التواطؤ الإقليمي في توريد الأسلحة إلى مناطق النزاع في السودان. وذكرت الشبكة أن مقاطع الفيديو المصورة توثق لحظة مصادرة صناديق الذخائر الأوروبية، وتظهر ارتباك المقاتلين أثناء فحصهم لجوازات سفر ووثائق وجدوها بحوزة أفراد أجانب كانوا ضمن القافلة، حيث اتهموهم بالارتزاق والعمل لصالح منظمات دولية تدعم الدعم السريع.

تحقيقات صحفية
وتجدر الإشارة إلى ان صحف عالمية ووكالات انباء اجرت سلسلة تحقيقات صحفية تتناولت بالتفصيل شبكة توريد الأسلحة من أوروبا إلى السودان،، وسلطت الضوء على أدوار دولة الإمارات التي تسعى لترسيخ نفوذها الاستراتيجي على حساب سيادة السودان ووحدة أراضيه.
ويترقب المجتمع الدولي نتائج تحقيق لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، وسط مطالبات واسعة بمحاسبة الدول التي تُسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تأجيج الحرب السودانية، وتغذية النزاعات المسلحة فيها بالسلاح والمال.