رئيس الوزراء كشف عن خارطة طريق تكنوقراطية لإنقاذ السودان خطاب كامل إدريس ..عودة الوعي..

رئيس الوزراء كشف عن خارطة طريق تكنوقراطية لإنقاذ السودان

خطاب كامل إدريس ..عودة الوعي..

شعار الحكومة الأمل ورسالتها تحقيق العيش الكريم للمواطن)..

الوزارة تضم 22 حقيبة برؤية إصلاحية متكاملة

الدفاع والداخلية ضمن التشكيل باعتبارهما من مرتكزات الأمن القومي

اعتماد وزارات نوعية مثل التحول الرقمي والاستدامة والموارد البشرية..

النزاهة والشفافية والكفاءة متطلبات أساسية للترشح..

الحكومة تستبعد الولاءات السياسية وتراهن على الكفاءات الوطنية..

رئيس الوزراء يتعهد بإلغاء مؤسسات موازية تمتص المال العام..

تقرير :رحمة عبدالمنعم
في خطوة وُصفت بأنها بداية جديدة لمسار الحكم المدني في السودان، أعلن رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، مساء الخميس 19 يونيو 2025، عن ملامح حكومته الانتقالية تحت اسم “حكومة الأمل”، واضعاً أمام الشعب رؤية واضحة لمعالجة التشوهات المتراكمة في بنية الدولة السودانية، وجاء الخطاب شاملاً لتفاصيل التشكيل الوزاري المرتقب، وشروط الانضمام إليه، مع طرح صريح لجذور الأزمة الوطنية، في محاولة لتأسيس مرحلة تقوم على الكفاءة والعدل، بعيدًا عن المحاصصة والانتماءات الضيقة.

الحكم الرشيد
وفي خطاب متلفز بثّه التلفزيون القومي مساء الخميس، كشف رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس عن ملامح حكومته المدنية الانتقالية، التي أطلق عليها اسم “حكومة الأمل”، مؤكداً أنها تمثل مشروعاً وطنياً متكاملاً لمعالجة جذور الأزمة السودانية، وتدشين مرحلة جديدة من الحكم الرشيد والتنمية المتوازنة.
وقال إدريس إن الحكومة المنتظرة تتكوّن من 22 وزارة، أبرزها الدفاع والداخلية، واللتين اعتبرهما مكوناً أساسياً للأمن القومي السوداني، رغم الإبقاء عليهما ضمن البنية المدنية للحكومة، وشملت بقية الوزارات تشكيلات حديثة تعكس تحولات الرؤية، مثل وزارة التحول الرقمي والاتصالات، ووزارة البيئة والاستدامة، ووزارة الحكم الاتحادي والتنمية الريفية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها استجابة مباشرة لمتطلبات ما بعد الحرب، وتأكيد على أولوية التنمية المتوازنة والعدالة الجغرافية.
وفي سياق استعراضه لرؤية حكومته، توقف رئيس الوزراء عند تشخيصه لما سمّاه “الأسباب المتكررة لانهيار الدولة السودانية”، معتبراً أن غياب الكفاءة، وضعف القيادة، وإقصاء أصحاب الخبرة، وتفشي الفساد، والتمترس خلف الهويات الضيقة، كلها عوامل أدت إلى استنزاف البلاد وتفكيك مؤسساتها، مؤكداً أن المرحلة الجديدة يجب أن تؤسس على الجدارة لا الولاء، والشفافية لا المحسوبية.

صوت الأغلبية
وبلهجة ناقدة للنظام البيروقراطي، أشار إدريس إلى أن الدولة مثقلة بـ”مجالس وهيئات ومفوضيات غير ضرورية”، وصفها بأنها تمثل “حكومات موازية” تستهلك المال العام دون مردود، معلناً أن الحكومة ستخضعها للمراجعة الشاملة، بهدف إلغائها أو دمجها في الوزارات، على أن يُبقي فقط على الحد الأدنى منها وفق الضرورة القصوى وبصلاحيات واضحة.
وعن معايير اختيار أعضاء “حكومة الأمل”، أوضح إدريس أن التشكيلة المرتقبة ستكون تكنوقراطية بالكامل، بعيدة عن أي انتماء حزبي أو محاصصة سياسية، وأن الوزراء سيتم اختيارهم من بين الكفاءات الوطنية ذات الخبرة والمعرفة التقنية العالية، دون النظر إلى العرق أو الدين أو الجهة،كما اشترط أن يتحلّى أعضاء الحكومة بالقيم الجوهرية التي حددها بـ”الصدق، الأمانة، العدل، الشفافية، والتسامح”، وأن يمتلكوا المهارات القيادية والجدارات اللازمة لإدارة شؤون الدولة في هذه المرحلة الدقيقة.
واعتبر إدريس أن “حكومة الأمل” هي أول حكومة سودانية تحكم بعقلية العلم والخبرة، لا بعقلية الغلبة والانتماء، مشيراً إلى أن الشعب السوداني يستحق أن يُدار عبر “وكالة العلماء” لا عبر وكلاء الأحزاب، وأن هذه الحكومة تمثل صوت الأغلبية الصامتة.

شعار الأمل
وحدّد رئيس الوزراء شعار الحكومة بـ”الأمل”، معتبرًا إياه مفتاحًا لبناء سودان جديد، فيما لخص رسالة الحكومة في تحقيق الأمن والرفاه والعيش الكريم لكل مواطن، مؤكدًا أن رؤيتها الكبرى تقوم على نقل السودان إلى مصاف الدول المتقدمة من خلال حوكمة رشيدة، وعدالة شاملة، وتنمية تقوم على الكفاءة والاستدامة.
وفي السياق ،يقول المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية الدكتور عمار يوسف لـ”الكرامة”، أن خطاب رئيس الوزراء يمثل لحظة فارقة في تاريخ الانتقال، مضيفًا:لأول مرة نشهد خطاباً حكومياً يتسم بهذا القدر من الصراحة والتحليل العلمي للأزمة، مع طرح متماسك لرؤية إنقاذ وطنية تعتمد على الكفاءة والمؤسسات، لا على المحاصصات أو الشعارات
وحذّر يوسف من التحديات المقبلة، معتبراً أن الحكومة الجديدة ستكون في مواجهة مفتوحة مع شبكات مصالح قديمة، وهي بحاجة إلى دعم شعبي واسع لتحصين مشروعها من محاولات الإجهاض.

خطاب دولة
من جهته، وصف الصحفي أشرف إبراهيم، رئيس تحرير صحيفة الوطن، خطاب إدريس بأنه “خطاب دولة لا خطاب سلطة”، مضيفاً أنه نجح في تقديم مزيج نادر من الواقعية والطموح، وتحدث إلى الشعب بلغة عقلانية تتجاوز الأطر القديمة والتصريحات الخشبية التي اعتادها السودانيون.
وقال إبراهيم لـ”الكرامة”،إنّ ما ميّز الخطاب هو تأسيسه لمفهوم جديد للحكم، يرتكز على العلم لا الولاء، وعلى النزاهة لا الولاءات الضيقة، إذا التزمت الحكومة بهذه المبادئ، فسيكون ذلك بداية حقيقية للتعافي الوطني..حد قوله