حرارة اللقاء… وبرودة شتاء ام درمان ياسر العطا .. مشروع مصالحة تاريخية لمجتمع مابعد الحرب

حرارة اللقاء… وبرودة شتاء ام درمان

ياسر العطا .. مشروع مصالحة تاريخية لمجتمع مابعد الحرب

@ تدفق حنين العودة لسودان ألفه أهله وخربه الجنجويد..

@ ماوراء لقاء الصحافة والطب والرياضية وغياب السياسية

فهل قصد الجنرال إعادة مشروع مؤتمر الخريجين الذي قاد للاستقلال؟!

في ليلة شتوية باردة المناخ دافئة التلاقي في العاصمة الوطنية ام درمان التي أخذت تتنفس طبيعيا بعد أن داهمتها المحن وارخي الزمان بكلاكله حربا لم يشهدها العالم من قبل .
اتصال هاتفي منتصف نهار الثلاثاء اخر ايام العام من مدير مكتب الفريق ياسر العطا المقدم أحمد يقدم بطاقة دعوة لعشاء من غير تفسير لأسباب الدعوة فقط زمانها ومكانها بمدينة ام درمان شارع السيسي بالحارة الأولى ومن الحارة 100 الصحافيين إلى الحارة الأولى هي المسافة التي استغرقت من الجيش سته أشهر حتى غادر الثورة وتمركز في ودنوباوي والدومة وود البصير قبل أن تقتلع اسود العرين التمرد من جذور المدينة التي شعت أنوار شارع الوادي واصبحت المسافة بعيدة بزحام الشوارع وحركة الناس والمقاهي ومولات اليقين ومدينة النيل ، توقفت بالقرب من صيدلية السيسي وجامعة علوم التقانة التي تنفض عن مقاعد طلابها وطالباتها ركام الغبار وفي فيلا صغيرة تطل على شارع الوادي وقد إضاءت ولاية الخرطوم بعض الشوارع ليلا وغطي الفرح بالاستقلال ونجاح امتحانات الشهادة السودانية على آثار تدوين ليلة الأحد الذي استهدف منطقة البادوبا شمال كرري وشمبات والشقلة ومربعات الفتيحاب التي أصبحت في قبضة الجيش.

كل الجمال في ضيافة الجنرال
دلفت إلى الطابق الأعلى حيث تولى شباب في مثل وردة الخريف رقة واحتراما للضيوف مع اختفاء اي مظهر عسكري حتى الحراسات تخفي سلاحها كأننا في بيت تاجر قماش مثل المرحوم حسن خوجلي أو في بيت السيد مكي أو دفع الله الحاج يوسف بالقرب من مسجد السيد عبدالرحمن استقبل الفريق ياسر عطا ضيوف تلك الليلة ب(جلابية انصارية على الله) بلون رمادي فاتح وهو ينتعل شبطا وطاقية من صناعة الصين .
ويحفظ ياسر العطا أسماء
القادمين ويداعب الرشيد بدوي عبيد ويمرح مع عبدالقادر سالم ولايخفي تشجيعه وحبه للمريخ وهو ينادي على مدافع المريخ الصلد محمد علي سفاري بفارس لقاءات القمة وجلس الجميع في انتظار مفاجئة الحفل الذي بدأ فقراته الرشيد بدوي عبيد العائد قريبا لدنيا( المايكرفون هو والقوون) وفي حديث جانبي قال ياسر العطا أن الدوري الممتاز عائد قريبا جدا واتحاد الكرة يخطط الآن لاستئناف المنافسات وقلت له الأندية ياسعادة الجنرال تشكو قلة المال مما يتطلب تدخل رئاسة الجمهورية أو مجلس السيادة بتخصيص دعم كبير لكل ناد مشارك في المنافسات فقال ياسر العطا لكن يايوسف الرئاسة ماعندها قروش القروش عندكم معو جبريل!!!
كانت كل ألوان الطيف الرياضي والاجتماعي والثقافي والفني والطبي والهندسي حضورا بمعية الجنرال الذي يخطط للحرب ويقود العمليات في ام درمان ، ويرعي نوافذ إطعام الجوعي من خلال التكايا ولايشغل نفسه كثيرا بالسياسيين ربما أصاب الرجل اليأس والقنوط من الأمل في هؤلاء.
جاء القطاع الصحافي محمد حامد جمعة يتوكا على رجل إصابتها علة أثناء الحرب وهو يبتسم في دهاء الحروف الأنيقة والعبارات النظيفة وجاء محمد الأمين مصطفى الشاعر والأديب والصحافي ابن قرية الشطيب بالنيل الأبيض التي فاتني سؤالي عنها هل اجتاحها عرب الشتات ام لاتزال صامدة مثل الاعوج والدويم ، وجاء سفاري للاعب الذي أعطى المريخ كل شي ولم يحصد الا حب الناس، على يمين الجنرال جلس محمود جباره الساده الرهيف الحريف وعلى شماله طارق البحر استاذ الدراما في الجامعات السودانية ومبدع البيت السوداني ومخرج أروع البرامج في هنا ام درمان وتغنى الأمين البنا بصوته الطروب والطبيب الإنسان د كتور معز يحدق في وجووه من نجوم المجتمع رفضت أن تغادر ام درمان وجسدت حالة زوجة كابتن المريخ والمدرب القومي محمد عبدالله ماذدا تفريق الحرب للرجل وزوجته حيث غادر مازدا السودان ورفضت زوجته أن تترك المرضى من غير عنايه وسوهندا المحامية التي أضفت على مهنة القضاء الواقف بعدا إنسانيا بانفاقها على أكبر التكايا بشارع الوادي وكان كابتن فيصل الحنان رئيس مبادرة الرياضيين وحده يرتدي الكاكي ووحده مهندس وسط المريخ كابتن عادل امين يرتدي بدلة التدريب ومدير المياه بولاية الخرطوم المهندس إبراهيم يتحدث بلسان المفجوع والموجوع من استهداف المليشيا لمحطات المياه

مشروع المصالحة الاجتماعية
عندما يتحدث ياسر العطا يصغي إليه الناس لا لشي الا لصدقه في التعبير عن نفسه واحترامه لشعبه وقد كان ياسر العطا حتى نشوب الحرب عضوا في مجلس السيادة يجلس بعيدا في الظل وقريبا من القحاته والجنجويد ولكن النار تصهر معادن الرجال عادت الحرب بياسر العطا المقاتل في صيف العبور وفي جبال النوبة وهمشكوريب ولكن في مناسبة الاستقلال تحدث الرجل بلغة أقرب لرجل الاجتماع منه لجنرال يقود جيشيا منتصرا، وقال إن الحرب التي تشهدها البلاد الآن هي حرب نسيج وحدها في البشاعة والدماء والتخريب والتدمير ولم يشهد السودان قبلها حربا مثلها مما يتطلب من الحضور من الأدباء والكتاب والرياضيين والفنانين الالتقاء يوميا والتفكير بعمق في كيفية علاج أمراض الحرب وآثارها الاجتماعية ومخلفات الحرب من ضغائن في النفوس ومرارات في القلوب وحتى لاتتفشي ثقافة الانتقام وأخذ الحقوق باليد ينبغي أن يكون لهذا القطاع الثقافي والاجتماعي والرياضي والفني والطبي دورا في بلورة مشروع يهتدي به السياسين للخروج من حالة الفشل التاريخي للتجارب الديمقراطية التي تتشابه بداياتها ونهايتها من بعد ثورة أكتوبر ورجب أبريل وثورة التاسع عشر من ديسمبر ذات الفشل والصراع العقيم الذي يفتح الباب للانقلاب العسكري الذي يكرر ذات اخطاء اسلافه الشي الذي يتطلب الان من هذه القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية صياغة مشروع قومي يهتدي به السياسي في مقبل الايام ووجه الفريق ياسر العطا مكتبه بإعداد دار اقترح طارق البحر أن يطلق عليها اسم دار المقرن واقترح كاتب هذا المقال اسم دار الكرامة ولكن اتفق الجميع على تكوين لجنة أسندت رئاستها للإعلامي والصحافي الرشيد بدوي عبيد، وقال ياسر العطا سنخصص لها سيارة نقل واثاث مكتبي لتصبح منتدى فكري وثقافي واجتماعي فهل قصد الجنرال إعادة مشروع مؤتمر الخريجين الذي قاد البلاد للاستقلال لينهض من جديد ليساهم أهل الثقافة والفكر في صياغة مشروع قومي عجزه عنه السياسي الذي ينظر إلى كسبه الاني بينما المثقف والرياضي والصحافي ينظرون إلى ماوراء الأشياء.
عند التاسعة مساء انفض سامر لقاء اجتماعي يمثل امتدادا لفعل مثمر في بورتسودان قاده الرئيس البرهان حينما التقى بالفنانين هناك والبرهان وياسر العطا أكثر حضورا اجتماعيا من قادة الأحزاب ولايزال إثر شرب البرهان للقهوة عند ملاك بالحارة 100 الصحافيين بعد خروجه المثير من القيادة العامة في مخيلة الشعب مثلما ستبقى ليلة الأثنين التي جملها العطا بهذا الحضور الاجتماعي الأنيق في آخر ساعات عام بدأ يرحل عنا بكل كوابيسه وفواجعه ومواجعه فهل تشرق شمس الأربعاء اول ايام السنة الجديدة على عهد جديد بالسودان؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top