النصر المؤزر وأبعاده في(معركة الكرامة) اللواء ركن (م) د. عبد الحميد مرحوم

النصر المؤزر وأبعاده في(معركة الكرامة)

اللواء ركن (م) د. عبد الحميد مرحوم

القوات المسلحة السودانية: Sudanese Armed Forces

_ ظلت القوات المسلحة السودانية في حالة قتال مستمر منذ العام 1821 (الغزو التركي) بقيادة إسماعيل باشا بن محمد علي باشا والي مصر باسم السلطان العثماني.
_ معارك المهدية منذ نشوب الحركة المهدية في السودان حتى سقوط الخرطوم في العام 1886.
_ معارك الأمن الداخلي لتثبيت أركان الدولة المهدية في الداخل، وحروب نشر الدعوة المهدية ضد الحبشة وضد مصر 1896 في توشكي وانتهاءً بمعركة كرري 2 سبتمبر 1898.
_ عمليات أمن داخلي ضد المعارضة المسلحة انتهاءً بضم دارفور 1916 للحكم الثنائي.
_ الحرب العالمية الثانية (39 – 1945)، والتي نتج عنها منح السودان استقلاله في يناير من العام 1956.
_ عمليات الأمن الداخلي في جنوب السودان منذ العام 1958 وحتى العام 2011 عام استقلال دولة جنوب السودان.
_ عمليات الأمن الداخلي بدارفور منذ العام 2003 حتى سقوط نظام الجبهة الإسلامية في العام 2019.
_ الحرب التي شنتها قوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023 حتى تاريخه.
_ هذه السلسلة المتواصلة من عمليات الأمن الداخلي والحروب الخارجية، أكسبت الجندي السوداني خبراتٍ قتالية كبيرة، أرست قواعد وأُسس الضبط والربط والتماسك والسيطرة على كل وحدات القوات المسلحة، مما جعل مردود إنجازها العسكري عالٍ جدًا.
_ التوزيع الاستراتيجي للقوات المسلحة بناءً على مساحة السودان الشاسعة، ووجود الأهداف الحيوية التي يجري حمايتها، مع القدرة على القيام بعمليات الأمن الداخلي بكفاءة عالية.
_ وفر هذا التوزيع القدرة على المناورة بالقوات من أماكن بعيدة آمنة إلى مناطق النزاعات دون عوائق تذكر، إلّا مسألة توفر الوسائل اللازمة للنقل والإمداد.
_ جعلت من الصعوبة بمكان وضع تلك القوات تحت الحصار أو إعاقة حركتها نسبة لانتشارها الواسع، لذلك لا يمكن شل حركتها الاستراتيجية والتكتيكية.
_ الاهتمام بالتدريب العالي للضباط وضباط الصف والجنود على مر العصور، والاستفادة من مواعين التدريب بالخارج وعلى أوسع نطاق، وقد تلقيت شخصيًا سبع دورات مختلفة في كل من إنجلترا، ومصر، وباكستان.
_ أدى الاهتمام بالتدريب الخارجي إلى قوة ومتانة أوعية التدريب الداخلية حتى أصبحت جاذبةً للدول الإفريقية والعربية التي ترسل منسوبيها إلى هذه المؤسسات التي تتسم بالجدية والحزم لإدارة التدريب مع قوالب وبرامج التدريب المتطورة في العالم.
_ دعم الموروث الثقافي للقوات المسلحة بالاحتفالات والمهرجانات التي تزكي روح الحماس وحب الوحدات والترابط بين الأفراد، فأصبح الجندي السوداني سبيكةً ذهبية من أغلى العناصر.
_ العلاقات التي يشوبها الاحترام بين ضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة يشعر من خلالها الفرد أنه يؤدي عملًا قوميًا موفور الكرامة عزيز النفس لا يرى أن جنديًا آخر في هذا الكون أعلى منه شأنًا.
دخلت القوات المسلحة السودانية المعركة بحوالي 35 ألف فرد-كما راج في الميديا-، ولم تكن كل هذه القوات جاهزة لخوض العمليات العسكرية، باعتبار أن فيها أعدادًا كبيرة من الإداريين في وحدات النقل، والصيانة، والإمداد، والفنيين مثل سلاح الإشارة، وسلاح المهندسين، بالتالي القوة المقاتلة تناقص عددها بنسبة كبيرة.
لا تتوفر معلومات أوفى عن القوات المسلحة السودانية، نسبة لعدم إعلان انتهاء الحرب بصورة رسمية من قبل الدولة، غير أنه خلال سير المعارك تم رفد القوات المسلحة ببعض المتقاعدين من الضباط وضباط الصف والجنود، وهيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة، والشرطة، والمستنفرين، والقوات المشتركة، وقواتٍ أخرى، كما تم تزويد القوات المسلحة بأسلحة نوعية كالمسيرات، ورفع كفاءة القوات الجوية بإضافة أعداد مقدرة من الطائرات والمدفعية الاستراتيجية.
تمتاز القوات المسلحة السودانية بجودة التدريب والخبرات القتالية المتراكمة على مر العصور، مع الاتصال القوي بالمعاهد والكليات العسكرية الكبرى في العالم، مما انعكس على المعاهد والكليات الحربية وكليات القيادة والأركان والأكاديميات في مجال الدفاع أو الحرب.
صلابة الضابط والجندي السوداني وتحمله للقتال في ظروف طبيعية ومادية صعبة، تتحمل فيها الجوع والعطش والقدرة على القتال بما تيسر من أسلحة وذخائر، والاستفادة مما تجود به الأرض من حشائش وغذاء، والتقلبات الجوية خصوصًا في فصل الصيف الممتد.
الانضباط الشديد خصوصًا أثناء العمليات مما يسهل القيادة والسيطرة عليها.
قامت القوات الجوية منذ اللحظات الأولى للحرب بأدوارٍ بارزة أثرت كثيرًا على مجرى العمليات، ومكنت القوات المسلحة من تأدية دورها بفاعلية كبيرة حتى تحسن أداؤها وتمكنت من معادلة القوى والانتصار على الدعم السريع.

أطوار المعركة: Stages of Battle

مرت الحرب بالأطوار التالية:
الطور الأول: Stage one: هي الكمون Ambush stage، اعتمدت القوات المسلحة لحماية مناطقها العسكرية على نصب الكمائن لقوات الدعم السريع المندفعة، وتمكنت من إحداث خسائر جسيمة في تلك القوات. تميز هذا الطور بقلة الأفراد ومواد القتال المتوفرة داخل تلك المناطق.
الطور الثاني: الدفاع: Defence
بتزايد القدرات والإمكانات من أفراد وإمدادات القتال (الذخيرة والتعيينات والوقود)، تمكنت المناطق العسكرية من الدخول في طور الدفاع وذلك بتحديد الاتجاهات الدفاعية وتوفير الموارد لها. أسهمت هذه المرحلة في تماسك المناطق العسكرية وارتفاع كبير في نسبة خسائر قوات الدعم السريع.

الطور الثالث: التقدم Advance stage

استعادت القوات في المعسكرات قوتها وبدأت في الخروج من المناطق العسكرية وتطهير ما حولها من المناطق التي كانت تستخدمها قوات الدعم السريع في التأثير عليها.

الطور الرابع: الهجوم Attack stage

بدأت بتوجيه الضربات القوية على قوات الدعم السريع في مواقع تمركزها وأماكن انتشارها، حيث تم تدمير قوات الدعم السريع بدرجة كبيرة أفقدتها القدرة على تحقيق أهداف الحرب التي قامت بشنها ضد القوات المسلحة السودانية.

3. الوقت والمسافة: Time and Space
كان عنصر الوقت والمسافة لصالح قوات الدعم السريع عند بداية الحرب، لامتلاكها لزمام المبادرة.