بركة.. ونور رمضانية ..متنوعة اعداد :رحمة عبدالمنعم

بركة.. ونور
رمضانية ..متنوعة
اعداد :رحمة عبدالمنعم

رمضان.. مدرسة الإيمان والتقوى

يهل علينا رمضان هذا العام 2025م ، ونحن نرجو من الله أن يكون شهر خير وبركة، شهر تصفو فيه النفوس وتتقرب القلوب إلى الله، حيث تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، ليكون فرصة ثمينة للمسلم لمراجعة نفسه، والتوبة من ذنوبه، والإقبال على الله بكل إخلاص.

إن رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو مدرسة تربوية تعلمنا الصبر، والانضباط، والإحسان، فهو فرصة لتقوية الإرادة والارتقاء بالروح، قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة: 183). فالتقوى هي الغاية الكبرى للصيام، حيث يتعلم الإنسان مراقبة الله في السر والعلن.

——-

حديث اليوم: الصيام جُنَّة

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم” (رواه البخاري ومسلم).

هذا الحديث الشريف يوضح أن الصيام ليس فقط عن الطعام والشراب، وإنما عن كل ما يغضب الله، فهو جُنَّة، أي وقاية من المعاصي في الدنيا، ووقاية من النار في الآخرة ،فليكن صيامنا صيام الجوارح، لا يقتصر على الامتناع عن المفطرات، بل يمتد ليشمل حفظ اللسان، وكظم الغيظ، والتسامح مع الآخرين.

دعاء اليوم الثاني

اللهم لك الحمد أن بلغتنا رمضان، اللهم أعنا فيه على الصيام والقيام، واجعلنا فيه من المقبولين،اللهم إني أسألك في هذا اليوم المبارك أن تطهر قلبي من النفاق، ولساني من الكذب، وعيني من الخيانة، وأعمالي من الرياء.
اللهم اجعلني في هذا الشهر من عبادك الصالحين، ووفقني فيه للطاعات، وأعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك،اللهم افتح لي فيه أبواب رحمتك، وأغلق عني أبواب معصيتك، ووفقني لعمل الخير، وتقبل مني صيامي وقيامي.
اللهم اجعل هذا الشهر شهر مغفرة ورحمة، واعتق رقابنا من النار، واغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين جميعًا، إنك أنت الغفور الرحيم.

—–

تأملات قرآنية

قال الله تعالى: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” (البقرة: 185).

يذكرنا الله في هذه الآية بأن رمضان هو الشهر الذي نزل فيه القرآن الكريم، كتاب الهداية والنور، وهو فرصة عظيمة للمسلمين كي يعيدوا علاقتهم بكتاب الله، فيتدبروا آياته، ويتعلموا أحكامه، ويعملوا به، ويجعلوه دستور حياتهم.

وقد كان السلف الصالح يعطون القرآن مكانة خاصة في رمضان، فقد كان الإمام مالك يترك دروس الحديث ويتفرغ للقرآن، وكان الإمام الشافعي يختمه ستين مرة في الشهر. فليكن لنا نصيب من هذا النور المبارك، ولنحرص على تلاوته وتدبره.

حكم الأكل أو الشرب نسياناً
من رحمة الله بعباده أن الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً، فصيامه صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم “من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه” (متفق عليه).

وهذا الحكم يدل على سماحة الشريعة الإسلامية، حيث لم يجعل الله علينا حرجاً، فلو أن الصائم نسي وأكل أو شرب، فليحمد الله الذي رزقه هذا الطعام دون أن يؤثر ذلك على صومه ،ولكن عليه أن يمسك فور تذكره، ولا يتمادى في الأكل.

الصبر.. مفتاح الأجر

رمضان هو شهر الصبر، ففيه يتدرب المسلم على ضبط نفسه، وكبح شهواته، وتحمل الجوع والعطش، والصبر على الطاعات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الصوم نصف الصبر” (رواه الترمذي).

ومن أروع صور الصبر في رمضان، قصة الصحابي عمار بن ياسر، الذي كان يعمل في حفر الخندق في رمضان رغم مشقة الصيام، وكان رضي الله عنه يواصل العمل بكل همة ونشاط، وعندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن حاله قال: “يا رسول الله، إني لأجد برد الجوع في بطني، فأربط الحجر على بطني”. فرقت له نفس النبي وأخبره أن الله لا يضيع أجر من صبر واحتسب.

رمضان في التاريخ

في السنة الثانية من الهجرة، فرض الصيام على المسلمين، وكان أول رمضان يصومه النبي
صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة المنورة، وفيه وقعت غزوة بدر الكبرى، التي كانت فاصلاً بين الحق والباطل، ورغم أن المسلمين كانوا صائمين، إلا أنهم ثبتوا في القتال وانتصروا بفضل الله.

وهذه الحادثة تعلمنا أن رمضان ليس شهر كسل وخمول، بل شهر قوة وعمل وإنجاز، فقد سجل التاريخ أعظم الفتوحات الإسلامية في هذا الشهر المبارك.

الطفل الصائم لأول مرة

يحكى أن طفلاً صغيراً في إحدى القرى أراد أن يصوم رمضان لأول مرة، لكنه لم يكن يعرف كيف يقاوم الجوع والعطش، فكان كلما شعر بالعطش ذهب إلى بئر القرية، يغسل وجهه ويبل شفتيه بالماء دون أن يشرب.

وحين جاء موعد الإفطار، سألته أمه كيف استطاع الصبر، فقال: “كنت أشعر أن الله يراني، فلم أشأ أن أخون صيامي، وكنت أقول لنفسي إن الجنة تنتظرني إذا صبرت”.

ففرحت أمه وأخبرته أن الله يضاعف أجر الصائمين، وأنه أصبح اليوم مثل الكبار، فشعر الطفل بالفخر والفرح. إنها قصة تعلمنا أن الصيام ليس مجرد عادة، بل هو تربية إيمانية يتعلمها المسلم منذ الصغر.

لا تفوّت صلاة التراويح

صلاة التراويح هي من أعظم العبادات في رمضان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
“من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).

وكان الصحابة والتابعون يحرصون على هذه الصلاة، وكان بعضهم يختم القرآن فيها كل ثلاث ليالٍ ،فليكن لنا نصيب منها، ولنجعلها عادة يومية تقربنا إلى الله وتزيدنا خشوعاً.

رمضان فرصة العمر

رمضان ليس مجرد أيام تمر، بل هو فرصة عظيمة لمن أراد أن يتغير، لمن أراد أن يتوب، لمن أراد أن يبدأ صفحة جديدة مع الله. فلنغتنم هذا الشهر المبارك، ولنملأ أيامه بالقرآن والذكر، ولنستغل لياليه بالدعاء والقيام، ولنصلح ما بيننا وبين الله وما بيننا وبين الناس.

نسأل الله أن يجعل صيامنا مقبولاً، وذنبنا مغفوراً، وأن يعيننا على الطاعة والعبادة. وكل عام وأنتم بخير!