استمرار احتكار الشركات الأجنبية يثير الجدل..
غياب (الناقــــل البحري الــــوطني).. مخاوف وتساؤلات !!
تحذيرات من ثغرات أمنية في غياب الناقل الوطني البحري..
دعوات لتمكين الشركات الوطنية كخيار استراتيجي يصون السيادة..
تهميش الشركات الوطنية يهدد الأمن القومي..
المهندس ضو البيت: ما يحدث تقصير لا مبرر له..
عبد العزيز الزبير: اختراق اقتصادي وسياسي للبلاد عبر البحر..
تقرير: محمد جمال قندول
موجةٌ من الجدل والسخط، أثارها قرار اختيار شركة “أجنبية” لنقل حجاج السودان لهذا العام، بالرغم من وجود شركة وطنية مؤهلة تقدمت للعطاء.
مختصون وخبراء حذروا من مغبة استمرار التعامل مع شركات أجنبية بمجال النقل البحري، واعتبروه “ثغرةً أمنية” خاصةً والبلاد تخوض حربًا ضروسًا ضد مرتزقة ميليشيا الدعم السريع وداعميهم.
بيانات الشحن
ويرى خبراء أن استمرار نقل الصادرات والواردات – بما فيها الشحنات العسكرية – عبر بواخر أجنبية يعرّض السودان لما يُعرف بـ”الانكشاف السيادي”.
وبالتالي ، تصبح بيانات الشحن ووجهاتها ومحتوياتها بما في ذلك المرتبطة بالجيش والمخابرات، في متناول استخبارات الشركات الأجنبية أو الدول التي تقف خلفها.
مهب الريح
ولم تعد النداءات المتكررة لاعتماد الناقل الوطني في كل ما يتصل بعمليات التصدير والاستيراد ترفاً اقتصادياً، بل تحولت إلى مطلب سيادي وأمني عاجل، خاصة في ظل التحديات التي تواجه البلاد خلال الحرب.
ويرى كثيرون أن الفرصة لا تزال سانحة لإعادة بناء قطاع النقل البحري بأيدٍ سودانية، عبر دعم شركات محلية مؤهلة قادرة على تحمل هذه المسؤولية.
بالمقابل، اعتبر المهندس البحري محمد إبراهيم ضو البيت، أحد الكوادر الفنية التي عملت في الخطوط البحرية السودانية، أنّ غياب التعاقد مع الشركات الوطنية في مجال النقل البحري “لا يُفسَّر إلا كتقصير إداري خطير”.
وأكد أن السودان يمتلك شركات محلية مؤهلة تمتلك القدرة الفنية والتشغيلية لنقل البضائع والمواشي والصادرات الزراعية، وحتى الواردات من مختلف موانئ العالم.
وأضاف ضو البيت لـ(الكرامة) قائلًا: إنّ الاعتماد الكامل على الشركات الأجنبية يحمل تكلفة اقتصادية مرتفعة، لكنه أيضاً يُفرّغ البلاد من قرارها السيادي، خاصة عندما تمر صادرات البلاد واحتياجات مؤسساتها العسكرية والأمنية عبر جهات لا تخضع للرقابة الوطنية. وأكمل: هذه مسألة أمن قومي لا تقبل التهاون.
بوابة للهيمنة
من جانبه، حذّر الخبير الاستراتيجي في إدارة المخاطر الاقتصادية د. عبد العزيز الزبير باشا، في حديث خاص لـ(الكرامة) من أن ما يجري هو “تجاوز خطير للوعي السيادي والاقتصادي، خاصة في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به البلاد”.
ويشير باشا إلى أن إدخال شركات أجنبية في صميم قطاع النقل البحري “ليس مجرد تعاقد تجاري، بل بوابة خلفية لفرض الهيمنة الاقتصادية والسياسية على المدى البعيد”.
وأضاف الزبير: السودان يمتلك شركات وطنية مؤهلة مثل “تاركو” البحرية وغيرها من الكيانات التي أثبتت قدرتها على إدارة العمليات اللوجستية والنقل البحري بكفاءة عالية حتى في أصعب الظروف.
ونبه إلى إن تهميش هذه الكيانات والذهاب إلى شركات أجنبية لا يُفسَّر إلا “كتفريط متعمد في السيادة الوطنية.
وأكد الزبير أن إسناد هذا القطاع الاستراتيجي لشركات وطنية لا يحقق فقط دعماً للاقتصاد المحلي، بل هو ممارسة مباشرة للسيادة الوطنية.
وقال: “في ظل الحرب والغزو، لا يجوز تسليم الشريان البحري الوحيد لأي جهة خارجية مهما كانت المبررات. المطلوب اليوم هو التمكين الوطني الحقيقي عبر التعاقد مع شركات تعرف الأرض وتؤمن بالقضية وتعمل لصالح الشعب السوداني”.
وبعث الزبير باشا برسالة واضحة مفادها أن “الخيار اليوم واضح، إما أن نصون القرار السيادي بأيدٍ سودانية، أو نفرط فيه بأيدينا. لا وقت للتجريب، بل وقت للاعتماد على الذات واستنهاض الطاقات الوطنية”.