كلفه البرهان بتسيير مهام رئيس وزراء السودان،،
دفع الله الحاج .. قراءة في “دفتر التكليف”
تفاعل كبير للتايم لاين، وجدل بشأن التكليف بدلاً عن التعيين..
خطوة ضرورية للتعامل مع المجتمع الإقليمي والدولي..
تفاؤل بإمكانية استعادة السودان لعضويته في الاتحاد الأفريقي..
السفير نادر: الحكومة الشرعية ستهزم جهود تشكيل حكومة موازية..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
تلقف التايم لاين، القرار الرسمي بتكليف السفير دفع الله الحاج علي، وزيراً لشؤون مجلس الوزراء، ومكلفاً بتسيير مهام رئاسة مجلس الوزراء في السودان، واتسعت منصات التواصل الاجتماعي لاستيعاب الخبر ونشره، والتفاعل الإيجابي بشأنه من خلال نقاشات ضجّت بها ” القروبات” المختلفة على منصة واتساب، وأسئلة ملحة لماذا التكليف بدلاً عن التعيين؟، وما هي دلالات كل توصيف؟، حيث يرى مراقبون أن هذا التفاعل عكس مدى ظمأ الشارع السوداني لخطوة شغل منصب رئيس الوزراء الذي شغر منذ استقالة دكتور عبد الله حمدوك متأثراً بتداعيات الإجراءات الإصلاحية التي قام بها رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م والتي فضّ بموجبها الشراكة مع المكون المدني.
سيرة ومسيرة:
ويرتكز السفير دفع الله الحاج علي إلى خبرة عملية في السلك الدبلوماسي امتدّت لأكثر من 45 عاماً، حيث تخرّج في جامعة الخرطوم في العام 1978م، وبدأ مسيرته الدبلوماسية في العام 1980م، وشغل منصب السفير في العديد من دول العالم على مختلف القارات، على سبيل المثال وليس الحصر كان سفيراً للسودان في فرنسا وباكستان والسعودية، التي كانت محطته الأخيرة قبل أن يخرج منها إلى كرسي رئاسة مجلس الوزراء، عمل السفير دفع الله مندوباً دائماً للسودان في الأمم المتحدة، وفي منظمة التعاون الإسلامي، وشغل منصب وكيل وزارة الخارجية، وحمل السفير دفع الله الحاج علي في بواكير هذه الحرب حقيبته متجولاً في العديد من الدول مبعوثاً خاصاً لرئيس مجلس السيادة، وقد برع الرجل بشهادة خبراء ومراقبين، بما يمتلكه من قوة بيان، وفصاحة لسان، في المنافحة والمقارعة بالحجة توصيلاً لرؤية السودان، وعكساً لموقف الحكومة من حرب الخامس عشر من أبريل، حيث صال وجال وطرق أبواب الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، رسولاً بالهدى وقول الحق، حتى نجح في تغيير الكثير من ملامح القسوة التي كانت ترتسم على وجوه بعض الدول والمنظمات تجاه موقف الحكومة، حتى تغيرت بعض المفاهيم ونالت ميليشيا الدعم السريع ما تستحق من إدانات من قبل الأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والإنسانية، ويقلل دبلوماسيون من قيمة اتهام السفير دفع الله بالانتماء إلى الحركة الإسلامية، مؤكدين أن الإنقاذ عندما جاءات كان السفير دفع الله الحاج علي سابقاً لها بنحو سبعة عشر عاماً قضاها في بلاط الدبلوماسية، وطوال فترة الإنقاذ كان مثالاً للدبلوماسي الملتزم الذي يُعلي من قيمة الوطن ويتعاطى بانضباط ومهنية وحِرفية وانفتاح وحضور لافت، وهي مقومات أفلت بها من سيف الإنقاذ الذي كان مسلَّطاً على رقاب الكثير من العاملين في الخدمة المدنية بفرية الصالح العام.
خطوة ضرورية:
ويمتدح مصدر دبلوماسي رفيع قرار تكليف السفير دفع الله الحاج علي وزيراً لشؤون مجلس الوزراء، ومكلفاً بتسيير مهام رئاسة مجلس الوزراء في السودان، معتبراً في إفادته للكرامة القرار بالخطوة الضرورية للتعامل مع المجتمع الدولي وفي مقدمته الاتحاد الأفريقي، وكان الاتحاد الأفريقي قد رهن فك تجميد عضوية السودان بالمنظمة الإقليمية بالبدء في تشكيل حكومة مدنية بجميع آلياتها وهياكلها ومباشرة عملها بما يسهم في استقرار الأوضاع فعلياً في السودان، حيث ظل الاتحاد الأفريقي يراقب الأوضاع الأمنية في السودان وينتظر خطوة تشكيل الحكومة المدنية، ورغم أن قرار السفير دفع الله الحاج علي جاء بالتكليف إلا أن المتوقع أن مراقبين يتوقعون أن تجد الخطوة ترحيباً من الاتحاد الأفريقي عطفاً على الجدية التي تتعامل بها قيادة الدولة في تشكيل حكومة مدنية تقود البلاد خلال المرحلة المقبلة وذلك بالنظر إلى التغييرات الكبيرة التي تنتظم دولاب الجهاز التنفيذي الذي شهد خلال الأسبوعين الماضيين عملية إحلال وإبدال شملت عدة وزارات اتحادية، وعدداً من ولاة الولايات، الأمر الذي يعكس التوجه نحو استعادة مفاصل الحكومة مركزياً وولائياً حتى وإن طغت ملامح ” العسكرة” على وجه عدد من الولايات، وهي خطوة كما يبدو قد أملتها ضروريات المرحلة.
ويقدم السفير نادر فتح العليم الخبير في مجال فضِّ المنازعات قراءةً في تسمية رئيس وزراء مدني لرئاسة الحكومة، وقال في إفادته للكرامة إن الخطوة تعكس مدى وفاء الجيش والتزامه بتعهداته مع الشعب، ليعزز من الشعار الخالد ” شعبٌ واحد، جيشٌ واحد، وطنٌ واحد، واعتبر السفير نادر أن المجلس العسكري قد سجل اسماء أعضائه بماء الذهب على خارطة الوطن السياسية، بعد أن حقق رغبة الشعب في حكومة مدنية مقتدرة وذات دراية يقودها عدد من السودانيين الأكفاء من تكنوقراط مخلصين يديرون دفة حكومة مدنية تحرسها قوات مسلحة قوية وواعية وذات قيادة وطنية متفرغه لحماية الأرض والعرض، والحفاظ على حدود البلاد، وقطع كل يد تمتد للنيل من السودان وأهله، مبيناً أن القدرات التي تتمتع بها القوات المسلحة السودانية من شأنها أن تغيِّر بقوتها خارطة القوة الإقليمية والدولية، وأكد السفير نادر فتح العليم أن تكليف رئيس وزراء سيتيح فرصة للجيش من أجل ملاحقة الميليشيا وداعميها الدوليين والإقليميين في المحافل الدولية، مبيناً ان وجود حكومة شرعية سيهزم جهود الميليشيا وداعميها من أجل تشكيل حكومة موازية قد راحت سدى وأصبحت في مهب الريح، متوقعاً أن ينعكس تكليف رئيس وزراء إيجاباً على جهود رفع الحظر عن السودان من قبل الاتحاد الأفريقي، ويفتح الطريق أمام السودان للتعامل مع المنظمات الدولية مما يسهم في قيادة عملية إعادة الإعمار بروح سودانية وكفاءات وطنية، بعد أن أصبح السودان يسير على قدمين، ويطير بجناحين نحو بناء سودان جديد في مرحلة ما بعد الحرب، داعياً القوى الوطنية إلى تحديد مواقفها تجاه الوطن، وأن تعد العدة لانتخابات حرة ونزيهة عند نهاية الفترة الانتقالية.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فقد أعادت قيادة الدولة الاعتبار للسفير المخضرم دفع الله الحاج علي، بتكليفه بمهمة رئيس الوزراء، حيث كانت قد أعفته من منصب وكيل وزارة الخارجية دون إبداء أسباب بعد اختراقات كبيرة حققها الرجل بتوصيل رؤية الحكومة وموقفها من الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل 2023م، وها هي الدولة تحتاج إلى دفع الله مرة أخرى ليرتاد بخبرته المعتقة فضاءات الجهاز التنفيذي وقيادة حكومة مهام صعبة، تحت وطأة ظروف وتحديات صعبة.