هناك فرق
مني أبوزيد
وزير مناسب..!
*”السياسة امتحان بلا أسئلة واضحة، لا ينجح فيه أصحاب الدرجات العالية، بل أولئك الذين يعرفون متى يجيبون، ومتى يصمتون”.. الكاتبة..!*
الوزير الذي تُدهشك سيرته الذاتية، قد يُدهشك فشله في أول أزمة، والوزير الذي لا يملك غير الكاريزما قد يجرف وزارته إلى مجدٍ لم تكتبه الأوراق. هل نحن في حاجة إلى خبير أم إلى سياسي، إلى أستاذ جامعة بدرجة وزير أم إلى وزير بدرجة إنسان يفهم تعقيدات بلاده..؟
الكفاءة وحدها – حين تُختزل في المؤهل العلمي – تصبح مثل آلة دقيقة في يد طفل. لا أحد ينكر أن شهادات الدكتوراه تبني صروحاً معرفية، لكن الوزارات لا تُدار بمناهج البحث العلمي، بل بإجادة فن الممكن..!
الوزير لا يُمتحن بالأسئلة النظرية، بل بالإجابات الميدانية. ولا يُقيّم بحجم مؤلفاته، بل بحجم الضرائب التي خفّفها عن المواطن، والمصانع التي أنقذها من الإفلاس..!
الكفاءة – في حقيقتها – مزيجٌ من دراية، ومرونة، وبصيرة، وقليل من الحظ، وكثير من الحكمة. وقدرٌ لا يُستهان به من القدرة على تحمل الضغوط، ومواجهة الأزمات بلا ارتباك…!
ثم نأتي للسؤال الذي يهمس به الجميع ولا يجيب عنه أحد، ما السن المناسبة لمنصب وزير؟. في دول تُراهن على الشباب، أصبح الوزراء في الثلاثين، بل في العشرين. وفي بلادنا – حيث يُعشق أرشيف السير الذاتية أكثر من أهلها – لا يُمنح المنصب إلا لمن رأى كثيراً، حتى وإن لم يغيّر أي شيء مما رآه..!
الحقيقة أن العمر لا يصنع وحده حنكة، كما أن الشباب لا يعني طيشاً في مطلق الأحوال. الوزير الناجح هو من لم يتقاعد عقله، وإن تقاعد جسده، وهو من ظلّ يتعلّم حتى حين نودي باسمه في المنصة الرسمية..!
وهناك – في ركن قصي من دفتر الكفاءة – معيار الأخلاق الذي لا يُذكر كثيراً. هل يجيد الفصل بين مصلحته والحق العام، وهل يملك شجاعة الاستقالة، وهل يقول “لا” حين تصبح “نعم” خيانة؟. تلك أسئلة لا تُطرح في لجان التعيين، لكنها قد تكتب التاريخ أو تمحوه..!
في بلادٍ تحكمها الولاءات أكثر من القوانين، يصبح الكفء هو من يصل إلى الكرسي، لا من يستحقه، ويصبح الوزير واجهة، لا وجهً حقيقياً للسلطة. وحين نشتكي من فشل الوزراء، ننسى أن العيب ليس فيهم فقط، بل في فكرة الكفاءة التي نُعرّفها بشكل ناقص..!
الكفاءة لا تُقاس بالشهادات، بل بالقرارات. ولا تُثبت في الخطابات، بل في الانجازات. ومن لا يستطيع أن يرى الناس إلا من خلال نافذة مكتبه، لن يُجدي نفعاً مهما بلغت درجته العلمية!.
munaabuzaid2@gmail.com