على كل..
محمد عبدالقادر:
محبة د.هيثم.. كلمة السر
لم اجد بين وزراء الحكومات المتعاقبة التى كنا شهودا على ادائها من حاز على توافق ورضاء واحترام الشعب السوداني مثلما فعل الدكتور هيثم محمد ابراهيم وزير الصحة الذى اصبح الان بحكم اقدار الله “سابقا”.
ظلت “الثقة” بين الوزراء والمواطنين “كلمة السر “المفقودة فى علاقة الناس بالمسؤولين، نجح هيثم فى “فك الشفرة”، وبنى بجهده البائن جسرا من التواصل مع الشعب بعد ان خاطب احتياجاته، وكفكف دموعه، وواسى احزانه، واشرق في حياة التاس بكل الدأب والاجتهاد يؤدي امانته بضمير يقظ واحساس حاضر بمواطن الوجع والاحتياج.
اسعدني جدا وفاء الناس لدكتور هيثم ، فقد رفعت الاسافير ذكره واعلت شكره فى يوم تعيين خلفه، وقد كان الظن ان الرجل عائد لاكمال ما بداه من ثورة صحية واجه بها ظروف الحرب وهو يبدأ من الصفر، ويعصم نظامنا الصحي من الانهيار فى ظل الحرب..
د. هيثم “متفق عليه” فقد وضع الصحة فى مقام الوجود رغم محاولات اختطاف الدولة ، واستطاع ان يعبر مطبات والغام الواقع بشطارته وحكمته وحنكته وعلاقاته التى جعلته ممسكا بالخيوط وبارعا فى توزيع الادوار (بالمسطرة) ، فكانت وزارة الصحة من المؤسسات التى اشعرتنا بوجود الدولة ، وتماسكها فى وجه الاختطاف ومؤامرات مسحها من الوجود.
دهيثم ظل متابعا وراصدا لمواطن الخلل ، يتحرك برشاقة مطلوبة فى الميدان بلاخفة ، يعمل فى صمت بعيدا عن “الشو” ، يحقق الانجاز وينجز الاختراقات الذكية…
لم تحظ وزارة الصحة بالاستقرار الاداري الا فى عهد هيثم الذى اجاد ادارة التقاطعات بالقدر الذى اوجد له مساحة في قلب الجميع وتوازنا فى المشهد ، فشتمه القحاتة وهو الوزير فى حكومة الجيش، وانتقده الاسلاميون واتهموه ب”القحتنة”، وظل الرجل بين هذا وذاك يقدم كتابه للناس فى كل يوم ويحدث تناغما انعكس على سيرة ومسيرة الوزارة منذ ان تسلم مهامها فى العام 2021،ساعده فى ذلك انه ابنها البار الذى تدرج فى مواقعها لاكثر من عشرين عاما ..
على الصعيد الشخصي يتسم هيثم بالتهذيب الشديد والحكمة ، وهو رجل ذو خلق ودين ، وقد ظل يحتفظ بعلاقات دافئة ومتوازنة مع الجميع جعلته مفتاحا للخير فى وزارته وحكومته ، الى جانب شطارته وذكائه الاجتماعي، واقترابه من نبض الناس، وهو من غمارهم ، يعيش بين العامة يتحسس الاوجاع، ويداوي الاسقام وينحاز الى همومهم وتطلعاتهم وامالهم فى العيش الكريم…
ومثلما حزنت بمغادرة هيثم الا انني سعدت بالمحبة التى حصدها وقد ندر ان يخرج وزير من معمعة الحكم دون ان يتلوث جلبابه بوحل النقد والملاحظات السوداء، شهد التايم لاين احتفاءا غير مسبوق، بعفة يده ولسانه وانحيازه للبسطاء، وقد نجح هيثم فى ان يخرج بجلبابه ابيضا من غير سوء.. امنياتي لدكتور هيثم بالتوفيق والنجاح، وهو قمين بان ندعو له بكل الخير والتوفيق…