للحقيقة لسان
رحمة عبدالمنعم
زيارة أبو الغيط.. دعم عربي للسودان
زيارة أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى السودان جاءت في توقيت بالغ الأهمية، حيث تعيش البلاد واحدة من أخطر أزماتها منذ الاستقلال ،هذه الزيارة الأولى له منذ اندلاع الحرب، تحمل في طياتها دلالات سياسية وإنسانية عميقة، فهي ليست مجرد زيارة دبلوماسية عابرة، بل تعبير عن موقف عربي مؤيد للسودان وشعبه، وسعي واضح لتقريب المسافات نحو حل شامل ومستدام
منذ وصوله إلى بورتسودان، برزت أهمية الزيارة ليس فقط من حيث توقيتها، بل من حيث مضمونها، إذ التقى أبو الغيط بالفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة، اللقاء لم يكن مجرد حوار سياسي تقليدي، بل فرصة لنقل صورة دقيقة عن موقف الجامعة العربية تجاه ما يحدث في السودان، وأهمية العمل الجاد لوقف الحرب وإعادة إعمار البلاد التي أنهكتها الحرب
تصريحات أبو الغيط عقب اللقاء أوضحت أن الجامعة العربية تدرك حجم المأساة التي يعيشها السودان، حيث وصف الوضع الإنساني بأنه “بالغ الصعوبة”، هذه الكلمات ليست مجرد توصيف، بل تعكس إدراكاً عميقاً للتحديات التي يواجهها الشعب السوداني، بدءاً من النزوح الجماعي وحتى الانتهاكات المستمرة ضد المدنيين ،الأمين العام أكد على ضرورة تنسيق الجهود بين الجامعة العربية والمجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي، وهو مسار يعكس الرغبة في شراكة فعلية لتحويل الأقوال إلى أفعال على أرض الواقع
ولكن على الجانب السوداني، لم تكن الزيارة مجرد استقبال رسمي، الفريق أول ركن عماد الدين عدوي،سفير السودان لدى مصر ومندوبه لدى الجامعة العربية، أرسل من خلال تصريحاته رسالة واضحة: السودان بحاجة إلى دعم فعلي وليس وعوداً، تأكيده على الدور التقليدي للجامعة في دعم قضايا السودان العادلة يبرز عمق العلاقة، لكنه أيضاً يضع الجامعة أمام مسؤولية أكبر في ظل الظروف الحالية
ما يميز هذه الزيارة هو تناولها للقضايا الشائكة بجرأة، الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا آل دقلو، والتي أشار إليها المسؤولون السودانيون، ليست مجرد جرائم داخلية، بل تهديد إقليمي يمتد تأثيره إلى منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي، السودان اليوم لا يواجه تحدياً داخلياً فحسب، بل يقف في مواجهة تدخلات خارجية تزيد من تعقيد المشهد وتطيل أمد الحرب
زيارة أبو الغيط تحمل رسائل متعددة للسودانيين وللعالم العربي ،ولاً، تؤكد أن الجامعة العربية ليست بعيدة عن المشهد، وأنها معنية بشكل مباشر بمصير السودان كجزء أصيل من المنظومة العربية، ثانياً، تشير إلى أن هناك جهداً حقيقياً يُبذل لتعزيز التضامن العربي في مواجهة الأزمة، لكن، هل هذه الرسائل كافية؟ بالتأكيد لا، السودانيون ينتظرون خطوات عملية، بدءاً من وقف الحرب، ومروراً بدعم المشروعات التنموية، وليس انتهاءً بإعادة بناء ما دمرته الحرب
ختاماً، السودان اليوم يقف أمام تحدٍ تاريخي ،زيارة أحمد أبو الغيط ليست مجرد خطوة رمزية، بل هي جزء من مسار يجب أن يُبنى عليه، السودانيون يدركون أن الحل يبدأ من الداخل، ولكنهم أيضاً بحاجة إلى أن يكون صوتهم مسموعاً ودعمهم مستداماً، الجامعة العربية أمام اختبار حقيقي، والسودان أمام فرصة لاستثمار هذه الجهود في سبيل تحقيق السلام والاستقرار الذي طال انتظاره.