مقترح جديد بتشكيل حكومة موازية داخل مناطق سيطرة المليشيا..
“تقدم” والحكومة الموازية.. السلطة باي ثمن
تقدم تعلن تجازوها مقترح تشكيل حكومة منفى خشية الانقسامات..
هجوم عنيف ورفض قاطع لمكونات “تقدم” لمقترح حكومة المنفى..
أسامة سعيد يقترح تشكيل حكومات في مناطق سيطرة المتمردين..
بكري الجاك: إذا أقدمتم على هذه الخطوة ستكونون موظفين لدى الدعم السريع..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
حسمت تنسيقية تحالف القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” المقترح الذي تقدمت به الجبهة الثورية، إحدى أبرز مكونات التنسيقية من أجل تشكيل حكومة في المنفى، وذلك خلال اجتماعات الهيئة القيادية للتحالف مطلع ديسمبر الجاري، وقررت تنسيقية ” تقدم” تجاوز المقترح بشكل نهائي وأغلقت الباب أمام الخطوة تماماً، وكان مقترح تشكيل حكومة في المنفى قد وجد هجوماً عنيفاً من مكونات داخل التنسيقية، ورفضاً قاطعاً من جهات أخرى، بينها الحركة الشعبية – التيار الثوري، ولجان المقاومة، ونقابة الصحفيين السودانيين، وعدد من الأحزاب، أبرزها حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني، واتفقت تنسيقية ” تقدم” على عدم المضي قدماً في المقترح المثير للجدل بسبب الانقسامات التي قد يسببها والذي يمكن أن يزيد طين الخلافات بلة.
هدف حكومة المنفى:
وكانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم” أعلنت أنها تهدف من تشكيل حكومة في المنفى، تحرير السودان من “الأخوان المسلمين” ومنع عودة نظام الإنقاذ البائد الذي كان يقوده الرئيس المعزول عمر البشير، متوقعةً أن تجد خطوة تشكيل حكومة في المنفى على غرار السيناريو الليبي واليمني، قبولاً في الأوساط الدولية الداعمة لها والتي ما انفكت تسوّق لرئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله آدم حمدوك ليعود إلى كرسي رئاسة الوزراء محمولاً على أكتاف استعادة الحكم المدني الديمقراطي، وتذهب تنسيقية “تقدم” أبعد من ذلك متوهمةً أن تشكيل حكومة منفى سيعزز من الشرعية الديمقراطية في البلاد، وينزع في الوقت نفسه لباس السلطة الذي تتمتع به الحكومة السودانية التي تدير شؤون البلاد منذ إجراءات 25 أكتوبر 2021م التي تم بموجبها فض الشراكة بين المكوِّن العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير ” قحت”.
موظفون لدى الميليشيا:
ولم يجف المداد الذي مُهر به اتفاق تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم”
على تجاوز تشكيل حكومة منفى دراً للخلافات والانقسامات المتوقعة، حتى قدم القيادي بتنسيقية ” تقدم” نفسها أسامة سعيد، مقترحاً بتكوين حكومة في المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع، وقال سعيد إن الحكومة المقترحة ستقوم بالأعمال المدنية كافة وسيكون لديها عملة، وقبل أن تسير الركبان بهذا المقترح فاقد الأهلية والحيثيات المقنعة، ردّ القيادي الآخر بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية بكري الجاك، الذي قلل من مقترح زميله أسامة سعيد، وقال في حديثه لمسائية الجزيرة مباشر: إذا أقدمتم على هذه الخطوة ستكونون موظفين لدى الدعم السريع.
تضارب في المواقف:
ومن هنا يبدو أن بعض قيادات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” عازمون على المضي قدماً بفكرة تشكيل حكومة موازية ضاربين بعرض الحائط الموقف المعلن لتنسيقية تقدم في اجتماعات مدينة عنتبي اليوغندية والذي تجاوز فكرة حكومة المنفى ليس مخافة تقسيم البلاد، وإنما خشية تشظِّي التنسيقية التي من الواضح أنها تقف على أرضية مهزوزة تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، مما يعني أن دائرة الخلافات داخل التنسيقية في طريقها إلى الاتساع، عطفاً على ما يعتمل في دواخل بعض قياداتها من مواقف قد تكون مناهضة للموقف الرسمي المعلن للتنسيقية بشأن تشكل الحكومة المدنية.
أزمة جديدة:
قطعاً أن تشكيل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” حكومات في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الدعم السريع، يعتبر مقترحاً غبياً يحمل بين ثناياه جينات لأزمة جديدة تقود مباشرة إلى تقسيم السودان، وهو المسعى الذي تحاول محاور إقليمية ودولية داعمة لميليشيا الدعم السريع تنفيذه منذ أن فشل مخطط الاستيلاء على السلطة بفشل انقلاب قائد ميليشيا الدعم السريع الهالك محمد حمدان دقلو في الخامس عشر من أبريل 2023م، لتكون الخطة البديلة هي السيطرة على مدينة الفاشر وإعلان حكومة موزاية في إقليم دارفور، وقطعاً لن تستطيع تنسيقية “تقدم” المغضوب عليها إقناع ميليشيا الدعم السريع بهذه المقترح غير المنطقي، وإن حدثت المعجزة واقتنعت الميليشيا المتمردة، فإن الحكومة المعنية ستكون تحت سيطرة ميليشيا آل دقلو التي ستديرها بقوة البندقية وليس بالأفكار المدنية التي تحاول تنسيقية تقدم تسويقها للرأي العام العالمي.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ فإن الواضح أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” تحاول جاهدة الارتكاز على حدود فكرة تعيدها إلى منصة الحكم المدني في البلاد، تسعى بشتى السبل سواءً بالاتفاق مع ميليشيا الدعم السريع المتمردة، أو بالارتهان إلى الأجنبي والارتماء في حضن العمالة، ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها بقوة: هل تستطيع قيادات تنسيقية ” تقدم” أن تطأ بأقدامها في أي شبر من أرض السودان؟ وكيف ستواجه المواطنين؟ وماذا قدمت خلال فترة حكم استمرت أربع سنوات لتفكر في العودة إلى الحكم من جديد؟ .