قائد المليشيا يخاطب السودانيين من مخبئه في تسجيل بلا مضمون.. (المجرم حميدتي).. البحث عن مخرج

قائد المليشيا يخاطب السودانيين من مخبئه في تسجيل بلا مضمون..

(المجرم حميدتي).. البحث عن مخرج

حميدتي يهنئ بعيد الاستقلال رغم ذريعة مناهضة دولة 56 لشن الحرب.

المتمرد يدعو لجيش قومي وميليشياته تغرق البلاد في الفوضى

قائد المليشيا يأسف للانتهاكات.. ويتهم المتفلتين في صفوف قواته

دقلو يطالب بوحدة السودان بعد تمزيق نسيجه الاجتماعي..

مجرم الحرب يدعو للسلام بينما قاذفاته تحرق المدن..

حميدتي يهاجم الجيش ويبرئ الجنجويد من الجرائم..

المتمرد يروج لدولة ديمقراطية عبر ميليشيات خارجة عن القانون..

خالد الأعيسر يهاجم قائد المليشيا ويؤكد فقدان خطابه للمصداقية

المحللون ينتقدون خطاب “حميدتي” ويعتبرونه “استهلاك سياسي”

تقرير : هبة محمود
بعدما يقارب ثلاثة أشهر من خطابه الشهير في أكتوبر الماضي، وإعلانه الشروع في الخطة “ب”، خرج أمس قائد المليشيا، في خطاب صوتي مسجل بمناسبة ذكرى استقلال السودان بالرغم من ان احدى ذرائع المليشيا لشن الحرب كانت مكافحة دولة 56، وأكد حميدتي أن قواته لن تكون بديلاً للجيش السوداني، داعيًا في ذات الوقت إلى تكوين جيش قومي بعيد عن السياسة وتحت رقابة المدنيين.
أعاد حميدتي في خطابه إنتاج ذات العبارات ومضامين الخطابات السابقة، في وقت لم تعد فيه قواته تملك السيطرة على الميدان.
محاولات حثيثة يسعى إليها الرجل، وفق متابعين، لإثبات معادلة جديدة في المشهد السوداني الذي لم يعد كسابقه، كما تغيّرت المعادلة أيضًا على المستويين الإقليمي والدولي، بعد أن صار “الدعم السريع” رهانًا خاسرًا.

تناقضات الدور المصنوع
وفيما بدأ المتمرد حميدتي خطابه مهنئاً الشعب السوداني بعيد الاستقلال، أثار في ذات الوقت سخرية الكثيرين، إذ إن الشعب السوداني نال على يد المليشيا أقسى صنوف الترهيب والترويع والقتل والسحل.
تناقضات الخطاب تبرز الدور المصنوع والمحدد للمليشيا ومحاولة الندية مع الجيش السوداني من خلال التهنئة بخطاب مماثل، باعتباره – أي حميدتي – قائد قوة موازية للجيش، قبل أن يؤكد أن قواته لن تكون بديلاً للجيش السوداني، ويدعو إلى تكوين جيش قومي بعيد عن السياسة وتحت رقابة المدنيين.
الزج بالجيش في أتون السياسة هو ما ظلت المليشيا تسعى لتأكيده، من خلال ربط الجيش بالحركة الإسلامية، في وقت يرى فيه مراقبون أن الحركة الإسلامية تساند الجيش كغيرها من حركات الكفاح المسلح، عبر الدفع بالكتائب والمستنفرين في معركة وجودية.

غير قابل للبقاء مرة أخرى
وقال حميدتي إن الحركة الإسلامية تخطط لنقل الحرب الأهلية إلى إقليم دارفور، عبر ضرب المكونات الاجتماعية، ودفع “حركات الارتزاق” إلى ذلك. وأشار إلى أن السودان القديم غير قابل للبقاء مرة أخرى، وأنه “انتهت مقوماته”، على حد تعبيره.
وشدد في ذات الوقت على حرصه على وحدة السودان، مؤكدًا أن الحرب ليست بين شمال أو جنوب أو غرب أو شرق، بل هي بين من يريدون الهيمنة على الدولة القديمة، ويثيرون الفتن بين المجتمعات.
ودعا المجتمعين الإقليمي والدولي إلى بذل جهود لإحياء آمال السلام والعمل على منع المجاعة، حسب التقارير الصادرة مؤخرًا، ولفت إلى أهمية بناء سودان جديد بعيد عن العنصرية، والتوقف عن خطاب الكراهية بين المكونات الاجتماعية.

جنون السلطة والثروة
وبحسب المحلل السياسي عبد الحميد مختار، فإن خطاب حميدتي لم يحمل جديدًا يُذكر، وهو تكرار للعبارات السابقة، مثل اتهام الجيش والخطاب عن العدالة في الحقوق وغيرها.
ورأى في إفادته لـ”الكرامة” أن حميدتي كان ينبغي عليه أن يقارن بين وضعه الحالي وحالته السابقة، إذ أتى من أقصى الهامش – وهو الأمي الراعي الذي لا يعرف حتى كتابة اسمه – إلى القصر الجمهوري في قلب العاصمة الخرطوم.
وأكد أن حميدتي أخذ أكثر مما يستحق، وحصلت قواته على تدريبات عالية لم ينلها حتى الجيش، لكن جنون السلطة والثروة دفعه إلى هذا المصير.
وتابع: “عن أي عدالة يتحدث حميدتي؟ الجميع يعلم أن حديثه للاستهلاك السياسي ورسالة موجهة إلى المجتمع الدولي، رغم أن الأخير يحمل قواته مسؤولية الانتهاكات ضد السودانيين”.

إزاحة الحرج
ويذهب متابعون إلى أن حميدتي، وفي ظل جرائم قواته، بدلاً من إدانتها، تحدث عن “متفلتين” لإزاحة الحرج عن قواته.
وعبّر خلال خطابه عن أسفه للانتهاكات التي وقعت في بعض المناطق بالسودان بواسطة من أسماهم بـ”المتفلتين” وسط قواته، وقال إنه يبذل قصارى جهده لمنع الانتهاكات وإيقاف المتفلتين، وإصدار أوامر لردعهم، وهي أوامر أدت إلى عدم استقرار بعض المناطق.
وبحسب المحلل السياسي محجوب محمد، فإن حميدتي تناول في خطابه المسجل عددًا من القضايا التي سبق له الحديث عنها، لكنه بدا مختلفًا هذه المرة من حيث الحديث عن تشكيل حكومة موازية.
وأكد محجوب لـ”الكرامة” أن حميدتي خاطب القوى السياسية، وقدم في ذات الوقت دعوة لهم لوقف الحرب عبر الدعوة لذلك، مشيرًا إلى أهمية معالجة الوضع الإنساني.
وطالب قائد الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، من وصفهم بـ”النخب العسكرية” بالإقرار بالفشل بعد الهزائم في الفاشر والجزيرة والخرطوم، والذهاب نحو وقف الحرب ومعالجة الوضع الإنساني.
وقال حميدتي إن حكومة الأمر الواقع التي جاءت بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، ومؤسسات الدولة البيروقراطية، انهارت بالكامل. وأثار تساؤلًا حول الاتجاه الذي يسير إليه السودان بعد أكثر من عام على الحرب، رغم الانتصارات التي حققتها قوات الدعم السريع على “العدو” ،وشدد على تمسك قوات الدعم السريع بوحدة البلاد أرضًاً وشعباً

طابع سياسي ونظام ديمقراطي
ورأى محجوب أن خطاب حميدتي اتخذ طابعاً سياسياً هذه المرة أكثر من الحديث عن العمليات العسكرية، ما يعني أن المرحلة المقبلة هي مرحلة المعركة السياسية.
وقال حميدتي إن “قوات الدعم السريع لن تقبل إلا بدولة سودانية جديدة لا تفرق بين الدين والعرق والحقوق، وهذا لا يحدث إلا في ظل نظام ديمقراطي.
وتابع: قوات الدعم السريع لا تسعى لأن تكون بديلاً للجيش السوداني، لكن يجب تأسيس قوات مسلحة قومية تحت رقابة الحكم المدني.
وأشار محجوب إلى أن المعركة في الميدان انتهت لصالح الجيش، ما يجعل قائد المليشيا يتحدث عن العمل السياسي والنظام الديمقراطي.

الحقيقة لا يمكن تزييفها
في مقابل ذلك، انتقد المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وزير الثقافة والإعلام خالد الأعيسر، خطاب حميدتي، مؤكدًا أنه ما يزال يتحرى الكذب، إذ أطلق من جديد تصريحات غير متسقة مع الواقع.
وأضاف الأعيسر، في منشور له بصفحته على منصة فيسبوك، أن المتمرد هو من قال قبل إشعال الحرب إن الخرطوم ستسكنها القطط، في إشارة إلى تهجير سكانها، وقد فعل ذلك بالفعل.
وأوضح أن قائد المليشيا يعود اليوم ليتحدث بنفس الخطاب الذي كرره سابقاً، معبرًا عن رفضه لمسلك مليشياته الإجرامي وغير الأخلاقي، بينما تستمر هذه المليشيات في ارتكاب ذات الجرائم والممارسات البشعة التي ينتقدها.
وأكد أن الحقيقة لا يمكن تزييفها ،وزاد الأعيسر قائلاً: إن هذا الخطاب أكل عليه الدهر وشرب، ومشكوك في مصداقيته وصحته، وهو تجسيد لتناقض واضح بين الأقوال والأفعال. وأوضح أن الأمر الجيد أن الشعب السوداني أصبح أكثر وعيًا بعمق هذه التناقضات، ويعلم أن هذا الخطاب فاقد للمصداقية ومن الصعب تصديقه.
وختم: إن من أعدوا هذا الخطاب في حيرة من أمرهم، ويعلمون أنهم يكررون الأكاذيب بسذاجة، لكن شعبنا واعٍ ولا يمكن خداعه”. ودعاهم إلى أن يبحثوا عن مخرج آخر، فالكذب عفا عليه الزمن ولم يعد له مفعول.