علاقات البلدين شهدت تطوراً مضطرداً، وتعززت خلال الحرب،، قطر مع السودان .. مواقف مشرفة

علاقات البلدين شهدت تطوراً مضطرداً، وتعززت خلال الحرب،،
قطر مع السودان .. مواقف مشرفة

اهتمام قطري بالمحافظة على سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه..

جهود إنسانية للدوحة خلال الحرب، ورغبة في التوصل لوقف نزيف الدم..

البرهان وتميم يبحثان في مهاتفة سبل تعزيز الأمن واستقرار المنطقة..

تقرير : إسماعيل جبريل تيسو..

أعرب رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، عن أمله في أن تشهد علاقات التعاون المشترك بين الخرطوم والدوحة مزيداً من التقدم والازدهار، بما يعزز أواصر الأخوة ويخدم المصالح المشتركة بين الشعبين الشقيقين، جاء ذلك خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه أمس السبت مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وتناول الاتصال الهاتفي عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ورغبة قيادة في تعزيزها وتطويرها وبخاصة القضايا المتعلقة بمجالات الاقتصاد والاستثمار والتعاون السياسي والدبلوماسي، وأكد الجانبان أهمية التنسيق والتشاور المستمر بين بلديهما في مختلف القضايا المطروحة على الساحة الدولية، بما يحقق الاستقرار ويعزز الأمن في المنطقة، ونقل تمنياته الخالصة للشعب القطري بدوام الرفاه والنماء، مؤكداً على عمق الروابط التاريخية والوشائج الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين.

دور سياسي وإنساني:
ومنذ اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، كان دور قطر بارزاً في دعم عملية السلام والاستقرار في السودان، من خلال السعي الحثيث لإيقاف الحرب، وإعلان استعدادها الجاد للوساطة من أجل وقف نزيف الدم السوداني، ونشطت جهود الدوحة المستمرة في هذا الصدد بالتزامن مع جهودها الإنسانية من خلال المساعدات الإغاثية التي قدمتها للمتأثرين بالحرب، حيث نفذت قطر جسراً جوياً إنسانياً عبر إرسال عدة طائرات استقبلها مطار بورتسودان وهي محملة بالمساعدات الإنسانية، وتعهدت قطر بمبلغ 50 مليون دولار لدعم جهود الاستجابة الإنسانية في السودان والخطة الإقليمية للاجئين، كانت الدوحة من العواصم المهمة التي حط فيها ركب رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في بواكير الحرب، حيث كانت زيارته لقطر هي أول زيارة يقوم بها البرهان إلى دولة خليجية بعد اندلاع الحرب، وقد استقبله الشيخ تميم بن حمد في سبتمبر من العام 2023م، وتناولت المباحثات الرسمية التي جرت في القصر الأميري بالدوحة تطورات الأوضاع الأمنية والإنسانية والتحديات التي يجابهها السودان، مؤكداً على ضرورة انتهاج الحوار والطرق السلمية لحل الخلافات وأهمية انخراط كل القوى السياسية السودانية في مفاوضات واسعة بعد الوقف الدائم للحرب، تمهيداً للوصول إلى اتفاق شامل وسلام مستدام يحقق تطلعات الشعب السوداني في الاستقرار والتنمية والازدهار .

مساندة في المحافل الدولية:

وظل موقف قطر مسانداً للسودان في المحافل الإقليمية والدولية، وشهدت أروقة الأمم المتحدة موقفاً تأريخياً للوزيرة لؤلؤة بنت راشد الخاطر وزيرة الدولة القطرية للتعاون الدولي والتي شددت خلال مخاطبتها اجتماعاً وزارياً رفيع المستوى لتعزيز دعم الاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة، عقدته المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، على هامش أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، فقد شددت الوزيرة لؤلؤة على أهمية اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎدة اﻟﺴﻮدان ووﺣﺪة وﺳﻼﻣﺔ أراﺿﻴﻪ واﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻪ الوطنية، والعمل على ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺴﻮداﻧﻲ اﻟﺸﻘﻴﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪأ ﺑﺤﻘﻦ دﻣﺎﺋﻪ واﺳﺘﻌﺎدة أﻣﻨﻪ ﻓﻲ وﻃﻨﻪ وﺗﻮﻓﻴﺮ اﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻪ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻄﻠﻌﺎت ﺷﻌﺒﻪ اﻟﻤﺸﺮوﻋﺔ، داعية إلى ضرورة وﻗﻒ اﻟﺘﺪﺧﻼت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ إﺷﻌﺎل ﻓﺘﻴﻞ ﻫﺬه اﻷزﻣﺔ اﺑﺘﺪاء، وﻟﻤّﺎ ﺗﺰل ﺗﺴﻬﻢ ﻓﻲ إﺷﻌﺎل اﻟﺤﺮاﺋﻖ ﺑﺪلاً من إﻃﻔﺎﺋﻬﺎ، منوهةً إلى أهمية السودان كبلد عريق وكبير، يطل على أحد أهم الممرات البحرية وتمتد حدوده مع عدد من أكبر الدول الأفريقية “مما يكسبه أهمية إستراتيجية، كما يجعل آثار وتداعيات الحرب فيه كارثية على منطقة القرن الأفريقي برمتها والمنطقة العربية عموماً.

وجود دبلوماسي سبّاق:

ومع الانتصارات الساحقة والمتلاحقة التي حققتها القوات المسلحة والقوات المساندة لها على ميليشيا الدعم السريع المتمردة، والتي توجت بنظافة العاصمة الخرطوم من دنس الجنجويد، سارعت قطر إلى إعمال الترتيبات لاستعادة وجودها الدبلوماسي في الخرطوم، فكان سفير دولة قطر لدى السودان محمد بن إبراهيم السادة، أول مسؤول دبلوماسي معتمد لدى السودان يزور العاصمة الخرطوم بعد تحريرها، ويتفقد مقر سفارته، ورفع السفير إبراهيم السادة علم دولة قطر في مبنى السفارة بالخرطوم، ووقف على الأضرار التي لحقت بمقر سفارته جراء الحرب، وذلك في إطار التحضيرات الجارية لاستئناف عمل السفارة من مقرها بالعاصمة السودانية، وتأتي هذه الخطوة تمهيداً لعودة البعثة الدبلوماسية إلى ممارسة مهامها من الخرطوم، بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة تأهيل المبنى وضمان جاهزيته للعمل.

مكانة فاعلة ومؤثرة::

ويرى الباحث والكاتب الصحفي الأستاذ الركابي حسن يعقوب أن قطر اكتسبت مكانة فاعلة ووزناً مؤثراً إقليمياً ودولياً بفضل انتهاجها نهجاً دبلوماسياً معتدلاً، وإعمالها سياسةً خارجية متوازنة تقوم على مبادئ وقيم احترام سيادة الدول، وقال في إفادته للكرامة إن موقف قطر من الأزمة السودانية، كان وما يزال يجد تقديراً و قبولاً من الجانب السوداني، وذلك لأسباب عدة أهمها أن قطر ظلت تحتفظ بعلاقات جيدة مع السودان من خلال اعترافها بشرعية السلطة الانتقالية فيه ووحدة أراضي السودان، وتقديم المساعدات الإنسانية، وسعيها الحثيث لحل الأزمة السودانية بعيداََ عن التدخلات الخارجية، منوهاً إلى أن قطر كانت أول دولة ترفع علمها على سارية مقر سفارتها في الخرطوم بعد تحريرها، وتوقع الركابي أن تشهد علاقات البلدين في الفترة القادمة مزيداً من الازدهار، خاصة فيما يتعلق بإعادة الإعمار، وتوسيع نطاق الاستثمارات القطرية، مبيناً أن قطر لما لها من علاقات ممتازة مع الولايات المتحدة يمكن أن تساهم في تشكيل رؤية وتصور إيجابي عن الأزمة في السودان لدى الإدارة الأمريكية خلال زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة بما يمكن أن يثمر عن نتائج إيجابية تصب في مصلحة السودان.

خاتمة مهمة:
على كلٍّ فقد ظلت مواقف قطر تجاه السودان ثابتة وراسخة تنطلق من رفض أي شكل من أشكال التدخل في شؤونه الداخلية، ودعم كل ما من شأنه أن يحافظ على وحدة واستقلال وسيادة وسلامة الأراضي السودانية، وهي مواقف يحفظها السودان لقطر ويثمنها عالياً، ويسعى إلى دعمها وتعزيزها من خلال مد جسور التعاون المشترك في مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة لشعبي البلدين الشقيقين.