التقارير كشفت عن نقل المليشيا للعشرات منهم لجنوب دارفور بسبب انتشار الوباء
مأساة المعتقلين .. وباء “الجنجويد والكوليرا”
وفاة5 فتيات من أصل 23 نقلتهن المليشيا إلى سجن دقريس بنيالا
مازال الجنجويد يعولون على الأسرى في معركتهم الخاسرة ضد الجيش ..
احتجاز آلاف المدنيين للمساومة بهم فى التفاوض وابتزاز الاسر …
الأسرى يمكن استخدامهم كورقة مساومة أو فرض شروط سياسية…
تقرير : هبة محمود
كشفت تقارير صحفية عن نقل مليشيا الدعم السريع معتقلاتها في الفاشر بشمال دارفور إلى ولايات أخرى، مثل شرق وجنوب دارفور بسبب تفشى الاسهالات المائية والكوليرا ، ونقل العشرات من المعتقلين إليها .
ولقي من بين المعتقلين خمس فتيات حتفهن من أصل 23 قامت المليشيا بنقلهن واقتيادهن إلى سجن دقريس في نيالا، عاصمة جنوب دارفور ، بسبب وباء الكوليرا، بحسب ما أفاد به المتحدث باسم نازحي مخيم زمزم، محمد خميس دودة ”سودان تربيون”.
وقال دودة أن قوات المليشيا أقدمت على نقل المعتقلات من مخيمي زمزم وأبوشوك إلى مدينة نيالا، نتيجة الإنتشار الواسع لوباء الكوليرا في محيط وجودها شرق الفاشر، مؤكدا أنهن يعانين من ظروف إنسانية معقدة للغاية داخل سجن دقريس.
وأكد أن الفتيات لقين حتفهن أثناء عملية النقل إلى سجن “دقريس” بنيالا، وذلك بسبب ما وصفه بـ”التعذيب القاسي” وغياب الرعاية الصحية أثناء فترة احتجازهن في سجون الدعم السريع قرب الفاشر.
وكل ذلك مقرونا مع محاولتها الحفاظ على المعتقلين من وباء الكوليرا، يفرض السوال الأكثر إلحاحا حول أهمية مالذي يعنيه نقل المحتجزين بالنسبة لها؟ فهل مازال الجنجويد يعولون على الأسرى في معركتهم الخاسرة أمام الجيش واستخدامهم كروت تفاوضية وأنظمة حماية لهم؟
انتهاك للقانون الدولي
لقد ظلت مليشيا الدعم السريع منذ إندلاع الحرب في السودان، تمارس عمليات الاختطاف والاعتقال، كنهج أساسي في عقيدتها القتالية، ما دفعها إلى احتجاز آلاف العشرات من المدنيين.
وقد وثقت تقارير أممية احتجاز المليشيا للاللاف مع سوء في المعاملة أدى إلى وفاة المئات منهم.
وفي آخر معاقلها داخل ولاية الخرطوم بمنطقة الصالحة جنوب مدينة امدرمان، عثر الجيش السوداني على مقبرة جماعية، ضمت نحو أكثر 460 قبرا لمحتجزين كانوا لديها ماتو بالجوع والعطش وانعدام العلاج.
ونددت منظمات حقوقية بالاعتقالات غير القانونية التي تنفذها قوات الدعم السريع المتمردة تجاه المدنيين والعزل خلال حربها ضد الجيش.
وفي إطار ما تقوم به من إعتقالات واسعة، إلا أن المليشيا لا تتقيد بالقوانين بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تنص على حقوق الأسير في الحروب، ما يجعل ما تقوم به أفعال ترتقي لمستوى جرائم الحرب.
تصعيد القضية
ومع تفشي وباء الكوليرا، أفادت مصادر صحية سودان تريبيون، بتفاقم الأزمة الإنسانية داخل مراكز الاحتجاز الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع، حيث أكدت المصادر أن غياب الأدوية الأساسية قاد بعض جنود الدعم السريع إلى الانسحاب من نقاط ارتكاز قرب سوق الفاشر الكبير، ومدرسة دارفور الثانوية، ومستشفى الفاشر للأطفال، إضافة إلى منطقة “جقوجقو” في أقصى شرق المدينة.
ويرى مراقبون أن نقل المعتقلات من الفاشر إلى نيالا يشكل تصعيدًا إضافيًا في ملف الاحتجازات التي تقوم بها قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب.
وبحسب الخبير الأمني والعسكري اللواء د. معتصم عبد القادر، فإن اهتمام المليشيا بملف المعتقلين ينصب في نقطتين هامتين أبرزها، التعويل عليهم في استخدامهم كروت تفاوضية مع الجيش من خلال عمليات تسليم وتسلم.
وترتكز النقطة الثانية وفق حديثه لـ”الكرامة” على استخدام المعتقلين وسيلة للحصول على المال من خلال ابتزاز أسرهم.
وتابع: الآن المليشيا تعيش مرحلة مفصلية و حاسمة ما يجعلها أكثر حرصا على المحتجزين لاستخدامهم كروت ووسيلة حماية لهم.
ورقة مساومة
ويرى الخبير العسكري د.جمال الشهيد أن احتفاظ المليشيا بالمعتقلين من الممكن أن تكون وسيلة ضغط عسكري وسياسي.
لافتاً في حديثه لـ “الكرامة” إلى أن الإعتقال سواء كان سياسيا أو عسكريا فإنه في الحالتين يخدم هدف مزدوج إما عرقلة تقدم للجيش داخل الأحياء والمناطق السكنية أو ابتزاز الحكومة والوسطاء الإقليمين بملف المدنيين كدروع بشرية.
وتابع: هذه إستراتيجية إعتدنا عليها عند الجماعات الغير نظامية في كونها تستخدم المدنيين كحصانة مدنية، أو ما ورقة تفاوضية موجبة لأن المليشيا تعرف أن الحرب لن تسمر إلى الأمد.
وأشار في الوقت نفسه إلى أن الأسرى يمكن استخدامهم كورقة مساومة لإطلاق قادتها أو فرض شروط سياسية.
ولفت في السياق إلى أن تحكم المليشيا في مصير آلاف المدنيين من شأنه أن يمنحها دورا مركزياً في أي عملية تفاوضية.
وذهب الشهيد إلى أن المليشيا من الممكن أن تستخدم الأسرى والمعتقلين لأغراض نفسية منها تفتيت المجتمعات.