فضحها تقرير مسرّب لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية… الإمارات والمليشيا.. التورط بالأدلة دور محوري وسري لمنصور بن زايد في إشعال نار الحرب.. تقرير:إسماعيل جبريل تيسو

فضحها تقرير مسرّب لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية…

الإمارات والمليشيا.. التورط بالأدلة

دور محوري وسري لمنصور بن زايد في إشعال نار الحرب..
تقرير:إسماعيل جبريل تيسو
رصد مكالمات هاتفية مستمرة بين حميدتي وأولاد زايد قبل وأثناء الحرب..

تسليح الميليشيا بشحنات من المسيّرات والأسلحة سرَّاً عبر تشاد..

امداد للجنجويد عبر تسليح وتنسيق لوجستي عبر الأراضي التشادية.

“س اي ايه” اعترضت مهاتفات بين قادة الإمارات وحميدتي..

اتصالات هاتفية منتظمة بين “منصور بن زايد” و الجنرال الليبي “خليفة حفتر”..

تقرير : إسماعيل جبريل تيسو

التقرير المسرّب الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بشأن تورط الإمارات ومساهمة قادتها وفي مقدمتهم منصور بن زايد آل نهيان في إشعال نيران الحرب المدمرة في السودان، أثار ردود فعل كبيرة ونقاشات واسعة في الأوساط السياسية، والنخب الإعلامية، عطفاً على المعلومات التي أبرزها تقرير الصحيفة الأمريكية الذي أعده الصحفيان “ديكلان والش”، من نيروبي وبورتسودان، و”طارق بانجا” من لندن، حيث كشفا أدلة استخباراتية تشير إلى تورط دولة الإمارات في تقديم دعم عسكري مباشر لميليشيا الدعم السريع المتمردة على القوات المسلحة السودانية، من خلال عمليات تسليح وتنسيق لوجستي تمت عبر الأراضي التشادية.

نفوذ منصور بن زايد:
تقرير “صحيفة نيويورك تايمز” الأمريكية استعرض الدور العميق والسري الذي لعبه ثلاثة من أفراد العائلة الحاكمة في الإمارات في اندلاع الحرب الدائرة في السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023م، حيث كشف التقرير مواقف نائب الرئيس الإماراتي منصور بن زايد آل نهيان في تأجيج الصراع الكارثي من خلف كواليس متخفياً في ثياب رجل المال والاستثمار في مجال الرياضة بامتلاكه لنادي مانشستر سيتي الإنجليزي بالإضافة إلى اهتماماته الإعلامية والدبلوماسية، ويحتفظ منصور بن زايد بسلطات استراتيجية هائلة، حيث يُعتبر أقوى إخوته الثلاثة الممسكين في العائلة الحاكمة بمفاصل الحكم في الإمارات منذ استقلالها في العام 1971م، بينما يتفرغ أخوه الأكبر “محمد بن زايد” لرئاسة الدولة، فيما يُدير الأخ الثالث “طحنون بن زايد” جهاز الأمن القومي، ويستند تقرير صحفية نيويورك تايمز إلى معلومات استخباراتية أميركية ومقابلات حصرية وسجلات مالية، تكشف عن قيام منصور بن زايد بتسليح ميليشيا الدعم السريع بقيادة “محمد حمدان دقلو”، بشحنات من الطائرات المسيّرة، نُقلت سراً إلى تشاد بعد صفقات بمليارات الدولارات تمت في واشنطن ولندن، وينوه تقرير الصحيفة الأمريكية إلى أن تستر “منصور بن زايد” خلف قناع الاستثمار في الرياضة عبر واجهة القوة الناعمة الإماراتية المتمثلة في نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، سهّل له محاولات شراء وسائل إعلام كبرى، ليخفي وراءها طموحات قوة خشنة تمتد عبر أفريقيا والشرق الأوسط.

مكالمات حميدتي وأولاد زايد :

المكالمات الهاتفية المباشرة والمتكررة التي اعترضتها الاستخبارات الأميركية منذ فبراير 2023م بين قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وقادة الإمارات، بمن فيهم “محمد بن زايد” و”منصور بن زايد”، ‏كشفت عن إدارة المسؤولين الإماراتيين شبكة شركات وهمية تُموِّل وتُسلّح ميليشيا الدعم السريع، وأكد مسؤولو الاستخبارات الأمريكية أن “منصور بن زايد” قد أُعطي “حميدتي” ملاذاً آمناً في فيلا محمية، وسُمح له بتسجيل خطابات فيديو لأنصاره في السودان، ثم بدأ تنفيذ مخطط سري لتزويد الدعم السريع بالسلاح عبر قاعدة جوية تقع شرق دولة تشاد، وأشار تقرير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى جمعيات خيرية يسيطر عليها ” الشيخ منصور”، قامت بإنشاء مستشفىً في تشاد لعلاج المدنيين، بيد أن المستشفى وبما يقوم به من أدوار إنسانية لم يكن سوى غطاء سري لأعمال عسكرية إماراتية تتمثل في تهريب طائرات مسيّرة، وأسلحة ثقيلة، إلى ميليشيا الدعم السريع المتمردة في السودان، ووفقاً للصحيفة فإن المكالمات المُنتظِمة بين “حميدتي” والقادة الإماراتيين والتي اعترضتها الاستخبارات الأمريكية خلال الشهور الأولى من الحرب، قد وفرت معلومات ساعدت المسؤولين الأمريكيين على الاستنتاج بأن هذا الأمير الإماراتي المتواضع ظاهرياً قد لعب دوراً محورياً في جهود تسليح ميليشيا الدعم السريع، الأمر الذي أدى إلى تأجيج الصراع المدمر والذي خلَّف أسوأ مجاعة، وأكبر أزمة إنسانية في العالم.

مِقوَد الدفع العدواني:
وأجرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، مقابلات مع أكثر من اثني عشر مسؤولاً أمريكياً وأفريقياً وعربياً، اتفقوا على أن “منصور بن زايد آل نهيان” يمثل مقود الدفع العدواني الذي تقوم به الإمارات لتوسيع نفوذها في أفريقيا والشرق الأوسط، وقال الدبلوماسي الأمريكي السابق والبارز ” أندرو بي ميلر” إن “منصور بن زايد” هو رجل المهام المكلّف الذي يُرسَل إلى أماكن لا تحظى بالبريق أو الاهتمام الإعلامي، لكنها ذات أهمية استراتيجية للإماراتيين، وزاد ” يبدو أن هذه هي زاويته المتخصصة”.
وفي سياق متصل قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى القرن الأفريقي ما بين العامين 2021م إلى 2022م، جيفري فيلتمان، إنهم كانوا يدركون دائماً أن “منصور بن زايد” كان يقف وراء الكواليس في الملف السوداني، ووفقاً لعدد من المسؤولين الأمريكيين أنه منذ العام 2015م تقريباً تمت ملاحظة اتصالات هاتفية منتظمة تجري بين “منصور بن زايد” والجرنال الليبي “خليفة حفتر”، حيث كان “منصور” يتولّى بهدوء إدارة العلاقة معه، الأمر الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك وسط المسؤولين الأميركيين، أن الإماراتيين يضعون أموالهم خلف جنرال الحرب الليبي “خليفة حفتر”.

خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر، فمن الواضح ووفقاً لتقرير صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن دولة الإمارات ومن خلال تورطها في اندلاع الحرب في السودان وإثارة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في عدد من الدول والبلدان العربية، إنما تشرع في كتابة رواية مثيرة تتجاوز فصولها قضية الحرب والثروة إلى طموحات سرية وعميقة تصل إلى مصاف التواطؤ العالمي الذي يعيد رسم خرائط من النفوذ والسيطرة على موانئ ومعادن استراتيجية في القارة الأفريقية، دون مراعاة لما يمثله ذلك من تهديد مؤكد لفضاءات السلم والأمن الإقليميين والدوليين.