مدينة الجمال والثقافة والفنون تعود إلى حضن الوطن
ودمدني ..(بلداً مستفة طيبة جد)..
أبتسم ..عاصمة الجزيرة تنهض لتضيء سماء السودان من جديد”
ملحمة التحرير تعيد لمدينة صهرت الأعراق مكانتها المرموقة..
النيل الأزرق يشهد انتصار إرادة الحياة في أرض المحبة والتاريخ..
(ودمدني) تستعيد مجدها وهي تهتف بأغنيات الوطن والجيش العظيم..
من أرض المحنة يسطع فجر جديد يحمل ملامح النصر والأمل
عبور حنتوب يعيد الألق لمدينة جمعت التاريخ والنسيج المتآلف
الروح السودانية تشرق من قلب الجزيرة احتفاءً بالتحرير والانتصار
بين سحر “الأزرق” وخضرة الجزيرة تعود الحياة إلى موطن الكرامة..
مدائن الأمل والتاريخ تفتح أبوابها من جديد احتفالًا بأبطال الجيش
الكرامة : رحمة عبدالمنعم
تنهض ود مدني اليوم في حضن الوطن، كما تنهض العنقاء من رمادها، شامخة بوجه الشمس بعد تحريرها من قبضة الميليشيا التي حاولت عبثاً أن تطفئ وهجها، استطاع الجيش ، والقوات المساندة، أن يعبروا جسر حنتوب التاريخي، المدخل الشرقي للمدينة، ليمد خطاه الحاسمة نحو رئاسة الفرقة الأولى ويستعيد كامل السيطرة على المدينة. هذا الحدث ليس مجرد انتصار عسكري فحسب، بل هو استعادة لمدينة هي النموذج الأسمى للتعايش والوحدة، مدينة جمعت في أفيائها أطياف السودان، وتوحدت على أرضها القلوب.
ود مدني.. مدينة تُصافحك بابتسامتها
ما إن تقترب من أعتاب ود مدني حتى تستقبلك عبارتها الشهيرة: “ابتسم، أنت في ود مدني، مدينة الجمال والثقافة”. هذه العبارة ليست مجرد جملة محفورة على لافتة، بل هي مرآة لروح المدينة وجوهرها ،في هذه المدينة، تنصهر الأعراق، وتذوب القبلية، وتتلاشى الانقسامات، لتصبح ود مدني رمزاًً للوحدة الوطنية التي تتجسد في حياة الناس اليومية.
وهب الله ود مدني جمالًا طبيعياً ساحراً، جعلها تتلألأ كدرة النيل الأزرق بخضرته الممتدة على الأفق، لكن الجمال في مدني لا يقف عند حدود الطبيعة، بل يمتد إلى أرواح سكانها الذين ينشرون المحبة والتسامح كأنها نسائم النيل، إنها مدينة تتحدث بلغتها الخاصة، لغة السلام والأمل والابتسامة.
التاريخ يروي حكاية ود مدني
في عام 1489م تقريباً، كان لهذه المدينة ميلاد مميز عندما جاء الفقيه محمد الأمين ابن الفقيه مدني السني، الذي يتصل نسبه بعقيل بن أبي طالب، إلى هذا الموقع المبارك ،أقام الفقيه في المكان الذي يتوسطه اليوم ضريح يحمل اسمه، تحول مع مرور الزمن إلى خلوة لتعليم القرآن والفقه.،حول هذا الضريح نشأت أولى أحياء المدينة، حي المدنيين، الذي احتضن طلاب العلم والمريدين، ليصبح النواة الأولى لمدينة استثنائية.
منذ ذلك الحين، وود مدني تمضي في بناء تاريخها، لا كمدينة عادية، بل كرمز للحراك الثقافي والاجتماعي، قامت صناعات محلية على أرضها مثل القوارب الشراعية، ودباغة الجلود، وصناعة الأحذية والعناقريب، ليصبح الإنتاج جزءًا من هويتها.
ود مدني… مدينة تتغنى بالوطن
لم تكن ود مدني يوماً بعيدة عن وجدان الشعراء والمغنين، الذين جعلوا منها مصدر إلهام لأروع الأغنيات ،هذه المدينة التي تُطرب قلوب من يعرفها لم تكن مجرد مدينة بلحن واحد، بل سيمفونية متعددة الأنغام، كيف ننسى كلمات خليل فرح التي لامست القلوب:”ماله أعياه النضال بدني… روحي ليه مشتهية ود مدني”؟ وها هي ميادة قمر الدين تغني ساخرة من المليشيا:”يركزو ساي وعاد يشيلو الشيلة… خشو مدني غلطة أكبر غلطة ورطة”،بينما هناك اغاني اخرى مجّدت تضحيات بواسل الجيش مثل: “الحرورها رجال بلدي الوقفوا فوقها تقال”و”جيشنا عزة وشموخ وقوة… الليلة في ود مدني جوة”،أما الراحل محمود عبدالعزيز، فقد حمل حب المدينة في وجدانه حين غنى:”مدني وين ما تمشي مغروسة في داخلك نقش… بلداً مستفة طيبة جد”،
ود مدني… ملهمة الأوطان
لم تقتصر الأغنيات على وصف جمال المدينة، بل كانت صوتاً للمحنة ، فقد تغني محمد مسكين ب:”من أرض المحنة ومن قلب الجزيرة”،وخلّد فضل الله محمد ود مدني في كلماته الرائعة:”ولا أسيبا مدني وأجي أسكن حداك”،في كل لحن وكلمة، تأخذك ود مدني إلى عوالم تتجاوز حدود الجغرافيا لتلامس وجدان السودان بأسره.
اليوم، تستعيد ود مدني عافيتها، مدينة الجمال والثقافة التي لطالما كانت وجه السودان الناصع ،تحريرها ليس مجرد استعادة أرض، بل هو استعادة لروح مدينة ترمز للوحدة والتنوع.،إنها المدينة التي ترسم الابتسامة على وجه الوطن بأسره ،ود مدني، التي تتربع على عرش الجمال والتاريخ، تعلن اليوم عودتها، لتبقى منارة للوطنية، وعلامة فارقة في مسيرة السودان، إنها بحق مدينة الروح السودانية.